وإذا قالت المرأة لزوجها: طلقني وضرتي على ألف درهم فطلّق ضرتها أو طلقها تجب نصف الألف إذا كان مهر مثلهما على السواء، كما لو قالت طلقني وضرتي بألف درهم، وإن كان مهر مثلهما على التفاوت تجب حصّة المطلقة من الألف.
من مشايخنا من قال: هذا على قولهما أمّا على قول أبي حنيفة رحمه الله لا يجب شيء، ومنهم من قال هذا قول الكل، والأوّل أصح.
وأمّا إذا قالت طلقني وضرتي على ألف عليّ فطلق إحداهما، فلا رواية في هذه الصورة ولقائل أن يقول: يلزمها حصّتها من الألف. ولقائل أن يقول: لا يلزمها شيء من الألف ما لم يطلقها على ألف درهم أو بألف، فطلق إحداهما جملة.
وإذا كانت للرجل امرأتان سألتاه أن تطلقهما على ألف درهم أو بألف، فطلّق إحداهما لزم المطلقة حصتها من الألف وإن طلّق الأخرى لزمها حصتها أيضاً إذا كان طلقها في المجلس، ثمَّ في قوله: طلقني ثلاثاً بألف درهم إذا طلقها ثلاثاً متفرقاً في مجلس واحدة القياس أن يقع تطليقة بثلث الألف والأخريان بغير شيء، وفي الاستحسان يقع ثلاث تطليقات (٢٥٨أ١) بألف درهم، وحسب القياس أنّه لمّا طلقها واحدة وقعت واحدة بثلث الألف وبانت منه، فحين طلقها الثانية والثالثة طلقها وهي بائنة، فتقع الثانية والثالثة بغير (شيء) كما لو طلقها الثانية والثالثة بعدما تفرقا عن المجلس.
وجه الاستحسان أنَّ إيقاع الثلاث وجد في لفظة واحدة من حيث الحكم، لما عرف أنَّ المجلس الواحد يجمع الكلمات المتفرقة حكماً، فيعتبر بما لو حصل إيقاع الثلاث في لفظة واحدة من حيث الحقيقة، وهناك جميع الألف فها هنا كذلك.
من مشايخنا من قال: ما ذكر من جواب الاستحسان محمول على ما إذا وصل الطلقات بعضها ببعض، أمّا إذا فصل بين كلّ طلقة بسكوت لا تجب جميع الألف وإن حصل الإيقاع في مجلس واحد.
واستدل هذا القائل بما ذكر محمّد رحمه الله في باب المشيئة إذا قال لها: أنتِ طالق ثلاثاً إن شئت فقالت: شئت واحدة وواحدة وواحدة موصولاً يقع الثلاث، وتصير كأنها قالت شئت الثلاث، ولو قالت شئت واحدة وسكتت ثمَّ قالت وواحدة وسكتت ثمَّ قالت وواحدة وسكتت فإنه لا يقع وإن كان المجلس واحداً واعتبر مع اتحاد المجلس الوصل، فكذا ها هنا. ومنهم من يقول إذا كان المجلس واحداً لا يشترط الوصل.
واستدل هذا القائل بما ذكر محمّد رحمه الله بعد هذه المسألة. إذا قالت المرأة للزوج سألتك أن تطلقني ثلاثاً بألف درهم، فطلقتني واحدة فلك ثلث الألف، وقال الزوج لا بل طلقتك ثلاثاً ولي عليك جميع الألف، فالقول قول الزوج إذا كانا في المجلس يعني في مجلس السؤال فقد اعتبر باتحاد المجلس، ولم يعتبر الوصل في التطليقات وهذا القائل يفرق بين هذه المسألة وبين مسألة المشيئة، وهو الصحيح. ووجه ذلك قولها شئت واحداً إذا سكتت عقيبها لم يصلح جواباً لبعض ما فوّض إليها الزوج،