ولو كان تزوجها على أن يعتق عنها عبداً من عبيده بعينه لا قرابة بينه وبينها جاز النكاح، وتصير رقبة العبد ملكاً لها مهراً، وصار الزوج وكيلاً عنها بالإعتاق فإن أعتقه قبل نهي المرأة صح إعتاقه، وإن نهته ثم أعتقه كان باطلاً؛ لأن تقدير هذا كأن المرأة قالت له: ملكني هذا العبد ثم كن وكيلي بالعتق، فكان لها أن تعزله عن الوكالة بخلاف قوله: على أن يعتق أخاها عنها؛ لأن الملك كما ثبت لها في رقبة الأخ عتق فلا تعزل الزوج عن الوكالة، ولو كان تزوجها على عتق عبد بعينه، لا قرابة بينه وبينها، فقبلت جاز النكاح وعتق العبد عن المولى حتى كان الولاء له، ولها مهر مثلها، وإن كان قد سمى لها مع ذلك (ما) يصلح مهراً، فلها المسمى لا غير، ولو كان تزوجها على عتقه عنها جاز النكاح، وعتق العبد من جهتها حتى كان الولاء لها، وهو مهرها ليس لها غيره. هذه الجملة من «الزيادات» .
في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: تزوج امرأة على أنها بكر، فدخل فوجدها (ثيباً) بالوثبة أو غير، فعليه المهر كلاً ويستوي إن زالت بكارتها بالوطء أو بطول التعنيس؛ لأن البكارة لا تصير مستحقة بالنكاح، وفيما إذا اشترى جارية على أنها بكر فوجدها زائل العذرة، وقال البائع: زالت عذرتها بالوثبة، قال بعض مشايخنا: إن صدقه المشتري في ذلك لا يكون له حق الرد وإن كذبه، وقال: لا بل زالت عذرتها بالوطء كان القول قوله، وله حق الرد، وأكثر المشايخ على أن له حق الرد على كل حال هو الصحيح؛ لأن الناس باشتراط البكارة يريدون صفة العذرة، فبأي طريق زالت العذرة، فقد فات الشرط، فيكون له حق الرد.
وفي «الفتاوى» للفقيه أبي الليث رحمه الله قال أبو نصر: قال البلخي: زوج رجل أمته من عبده على أن أمرها بيده يكون كذلك، وقال ابن سلمة: صح النكاح، ولا يكون الأمر بيده، قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: لو بدأ العبد بقوله: زوجني على أن أمرها بيدك، فزوجها لا يكون الأمر بيده لوجود التفويض قبل النكاح، وإن بدأ المولى فقال: زوجتها منك على أن أمرها بيدي أطلقها كلما أريد، فقال العبد: قبلت صار الأمر بيده لوجود التفويض بعد النكاح.
بيانه: أن العبد لما قال: قبلت في هذه الصورة صار كأنه قال: قبلت على أن أمرها بيدك تطلقها كما تريد، فيكون التفويض بعد النكاح.
ونظير هذا: رجل قال لامرأة: تزوجتك على أنك طالق، أو على أن أمرك بيدك تطلق نفسها كما تريد، فقبلت لا يقع الطلاق، ولا يصير الأمر بيدها، ولو بدأت فقالت: زوجت نفسي منكَ على أني طالق، أو على أن أمري بيدي أطلق نفسي كلما أريد، فقال الزوج: قبلت، وقع الطلاق، وصار الأمر بيدها، وتصير هذه المسألة حيلة للمطلقة ثلاثاً إذا خافت من المحلل أن يمسكها، ينبغي أن تبدأ هي، وتقول للزوج: زوجت نفسي منك على أن أمري بيدي أطلق نفسي كلما أريد، ثم يقبل الزوج، فيصير الأمر بيدها تطلق نفسها كلما أرادت، ولو كان الزوج قال لها: تزوجتك على أنك طالق بعد ما أتزوجك،