والسادس: الكفاءة في الحرف فقد اعتبرها أبو يوسف ومحمد رحمهما الله وهو إحدى الروايتين عن أبي حنيفة رحمه الله، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الناس بعضهم أكفاء لبعض إلا حائك أو حجام، وفي رواية أو دباغ. قال مشايخنا: ورابعهم الكنّاس، فواحد من هؤلاء الأربعة لا يكون كفئاً للصيرفي والجوهري وعليه الفتوى. وكان القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله يقول: وهنا خسيس خامس أخسّ من كلهم وهو الذي يخدم الظلمة، هو الذي يُدعى شاكرياً كان صاحب مروءة وقال وصنعة الظلم فيه خساسة لأنه يأكل من دماء الناس وأموالهم بعد هذا المروي عن أبي يوسف رحمه الله أن الحرف متى تفاوت لا يعتبر التفاوت وتثبت الكفاءة فالحايك يكون كفئاً للحجام والدباغ للكناس، والصغار يكون كفئاً للحداد، والعطار يكون كفئاً للبزاز. قال شمس الأئمة الحلواني وعليه الفتوى، وفي «الحاوي» أن القروي كفئاً للمدني.
والسابع: الكفاءة في العقل وإنها معتبرة عند بعض المتأخرين من المشايخ حتى إن الزوج إذا كان مجنوناً لا يكون كفءً للمرأة العاقلة وعند بعضهم غير معتبرة لأن الجنون بمنزلة المرض، ثم سائر الأمراض لا تسلب الكفاءة فكذا الجنون، ثم المرأة إذا زوجت نفسها من غير كفء صح النكاح في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة رحمه الله، وهو قول أبي يوسف رحمه الله آخراً، وقول محمد رحمه الله آخراً أيضاً لما يأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله، حتى إن قبل التفريق يثبت فيه حكم الطلاق والظهار وله إيلاء والتوارث وغير ذلك، ولكن للأولياء حق الاعتراض؛ لأنها ألحقت الشين بالأولياء بنسبة من لا يكافئهم إليهم بالصمدية فكان لهم أن يدفعوا هذا الشين عن أنفسهم. وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أن النكاح لا ينعقد، وبه أخذ كثير من مشايخنا رحمهم الله. ولا يكون التفريق بذلك إلا عند القاضي، يريد به: أنه ينبغي للولي أن يرفع الأمر إلى القاضي ليفسخ القاضي العقد بينهما أما بدون فسخ القاضي لا ينفسخ النكاح بينهما وتكون هذه فرقة بغير طلاق، حتى لو لم يكن الزوج دخل بها فلا شيء لها من المهر، وإن كان قد دخل بها فلها ما سمى لها من المهر وعليها العدة، والذي يلي المرافعة إلى القاضي المحارم عند بعض المشايخ، وعند بعضهم المحارم وغير المحارم في ذلك على السواء حتى يثبت ولاية المرافعة لابن العم ومن أشبهه وهو الصحيح.
في «البقالي» : وإذا زوجها أحد الأولياء من غير كفء برضاها لا يكون للآخرين حق الاعتراض إذا كانوا مثل المزوج أو دونه في الدرجة أمّا إذا كان أقرب من المزوج فله حق الاعتراض لأن المزوج لا يكون ولياً إذا كان لها ولي أقرب منه فكان هو وأجنبيٌ آخر سواء.
وسكوت الولي عن المطالبة بالتفريق لا يكون رضاً منه في النكاح من غير الكفء وإن طال ذلك حتى تلد منه.
وإذا زوجها الولي من غير كفء ثم فارقته ثم زوجت نفسها منه بغير ولي كان للولي حق التفريق فلا يكون رضاه بالنكاح الأول رضاً بالنكاح الثاني.