فتتمكن التهمة في تصرفاته قصد الشراء لنفسه (......) العين حوله إلى الآمر، وأما في مسألة النكاح: أصل العقد مضاف إلى الموكل؛ لأن الوكيل بالنكاح لا يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل فلا تتمكن التهم في تصرفه، فلهذا حرما.
وإذا وكل رجلاً بأن يزوج له امرأة بعينها ببدل سماه، فتزوجها الوكيل لنفسه بذلك البدل جاز النكاح للوكيل بخلاف الوكيل بشراء شيء بعينه، إذا اشترى ذلك الشيء لنفسه بذلك البدل حال غيبة الموكل حيث يصير مشترياً لموكل. إذا وكلّه أن يزوج امرأة ولم يسمها فزوجه امرأة هي ليست بكفؤ له؛ القياس أن يجوز على الموكل، وبه أخذ أبو حنيفة رحمه الله عملاً بإطلاق التوكيل، وفي الاستحسان: لا يجوز على الموكل (١٩٣ أب) وبه أخذا فهما يقيدان اللفظ المطلق بالعرف، وأبو حنيفة رحمه الله يقول: العرف مشترك، وقد يتزوج الرجل من ليس بكفؤ. وعلى هذا الخلاف: إذا زوجه امرأة، أو مقطوعة اليدين، أو رتقاء، أو مفلوجة، أو مجنونة، أو معتوهة، ذكر الاختلاف في هذه الفصول، ورواية أبي سليمان وفي «المنتقى» : إبراهيم عن محمد رحمه الله إذا قال لغيره: زوجني فزوجه عمياء، أو مقطوعة اليدين، أو الرجلين لا يجوز، ولو زوجه عوراء، أو مقطوعة إحدى اليدين جاز، وفيه أيضاً: أمر رجلٌ رجلاً أن يزوجه فزوجه ابنته الصغيرة أو ابنة أخيه الصغير فهو وليها لا يجوز، وكذلك كل من يلي أمرها بغير أمرها، قال: وذلك بمنزلة رجل أمر امرأة أن تزوجه امرأة فزوجته نفسها. ولو زوجه ابنته الكبيرة برضاها ذكر في «الأصل» أن على قول أبي حنيفة رحمه الله لا يجوز إلا أن يَرضى به الزوج، وعلى قولهما يجوز، بناء على عند أبي حنيفة رحمه الله بمطلق الوكيل لا يملك التصرف مع ولده للتهمة، والتهمة دليل يقيد المطلق، وعندهما يملك، ولو زوجه أخته الكبيرة برضاها جاز بلا خلاف؛ لأنه لا تهمة في حق الأخت.
وذكر ابن سماعة عن أبي يوسف رحمه الله في «الأصل» : رجل أمر رجلاً أن يزوج له امرأة فزوجه ابنته الصغيرة أو الكبيرة بأمرها لم يجز استحساناً. وكله أن يزوجه امرأة من قبيلة فزوجه من قبيلة أخرى لم يجز وهذا ظاهر. وكّله أن يزوجه امرأة سوداء فزوجه امرأة بيضاء أو على العكس لا يجوز، ولو وكلّه أن يزوجه امرأة عمياء فزوجه امرأة بصيرة يجوز، كذا ذكر في «المنتقى» قال ثمة: وليس هذا كالأول لأن الأول جنس، وكله أن يزوجه أَمَةً فزوجه حرة لا يجوز؛ لأنه خالف أمره نصّاً وله في ذلك منفعة، وهو أن لا يساوي هذه الحرة التي عنده في القسم، وإن زوجه مكاتبة أو مدبرة أو أم ولد جاز. وكله أن يزوجه امرأة فزوجه صبية يجامع مثلها أولا يجامع (مثلها) جاز؛ لأن اسم المرأة اسم جنس يتناول الكبيرة والصغيرة جميعاً، قيل هذا على قول أبي حنيفة رحمه الله، وأما على قولهما لا يجوز إذا زوجه صبية لا يجامع مثلها، كما لو زوجه رتقاء أو قرناء ومثل هذا قول الكل بخلاف ما إذا زوجه رتقاء أو قرناء ولو وكله أن يزوجه امرأة فزوجه الوكيل