الثلاث، وهو قول أبي عصمة سعد بن معاذ المروزي رحمه الله ومحمد بن مقاتل الرازي رحمه الله، فصار حدّ الغيبة المنقطعة على قولهما ثلاثة أيام ولياليهما، وهكذا كان يفتي القاضي الإمام ركن الدين علي السعدي رحمه الله، فإنه سئل عن صغيرة زوجتها أمها ولها ولي بنسف وهذا السؤال كان ببخارى قال من بخارى إلى نسف مسيرة شهر فهو غيبة منقطعة.
قال القاضي الإمام رحمه الله: هذا إذا زوج الأبعد، ولا يعرف أن الولي الأقرب أين هو يجوز، وإن ظهر أنه في ذلك المصر، وإذا زوجها الأقرب من حيث هو؛ اختلف المشايخ فيه: في «المنتقى» عن محمد رحمه الله: المرأة إذا لم يكن لها ولي حاضر استحسن أن تولي رجلاً يزوجها، وهكذا جاء عن ابن عمر رضي الله عنه، والرجل الذي يعول الصغير أو الصغيرة فلا له ولاية في إنكاحهما، وكذلك الوصي لا ولاية له في إنكاح الصغير والصغيرة سواء أوصى إليه الأب بالنكاح أو لم يوص، إلا إذا كان الوصي وليهما، فحينئذ يملك الإنكاح بحكم الولاية لا بحكم الوصاية.l
في «مجموع النوازل» : سئل شيخ الإسلام عن رجل غاب غيبة منقطعة وله بنت صغيرة فزوجتها أختها لأب أو لأم حاضرة، قال: إن لم يكن لها عصبة أولى من الأخت جاز النكاح، قيل: لا تكون الأم أولى من الأخت قال: لا لأن الأخت؟ لأب وأم أو لأب من قوم الأب، والنساء اللواتي من قوم الأب لهن ولاية التزويج عند عدم العصبات بإجماع بين أصحابنا رحمهم الله وهي الأخت والعم وبنت الأخ وبنت العم، فأما الأم والنساء اللواتي من قبل الأم فلهن ولاية عند أبي حنيفة رحمه الله، وعند محمد رحمه الله لا ولاية لهن.
وقد ذكرنا قبل هذا: إن ولاية ذوي الأرحام على الخلاف، فما ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن النساء اللواتي من قوم الأم لهن ولاية التزويج عند عدم العصبات بإجماعٍ بين أصحابنا مستقيم في الأخت لا في العمة وبنت الأخ وبنت العم؛ لأنهن من جملة ذوي الأرحام. وإذا زوج الصغير أو الصغيرة غير الأب والجد ثم بلغا فلهما الخيار عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، والمسألة معروفة، ولو زوجتها أمها فبلغت فلها الخيار عند أبي حنيفة رحمه الله (على) أصح الروايتين، والقاضي إذا زوج الصغير أو الصغيرة فله الخيار في أظهر الروايتين عن أبي حنيفة وهو قول محمد إذا كان الوصي ولياً وزوج الصغير أو الصغيرة وبلغ فله الخيار لأن نفاذ تصرفه ليس يكون وصيّاً فصار بكونه وصياً وغير وصي سواء.
في «العيون» : معتوهة زوجها عمها أو أخوها ثم عقلت فلها الخيار، وإن زوجها أبوها أو جدها فلا خيار لها؛ لأن المعتوهة بمنزلة الصغيرة وفي الصغيرة الحكم كذلك.
وإن زوج المعتوهة ابنها فلا رواية عن أبي حنيفة رحمه الله فيه، ويجوز أن لا يكون لها الخيار؛ لأن عند أبي حنيفة رحمه الله إذا اجتمع الابن والأب في البالغة المعتوهة فولاية الإنكاح للابن، وإذا كان الابن مقدماً على الأب عنده ولا خيار لها في تزويج