حتى جُنّ الابن جنوناً مطبقاً فأجاز الأب ذلك النكاح جاز؛ لأنه لو استأنف النكاح عليه في هذه الحالة يجوز فكذا إذا أجازه، وإذا أقرّ الولي على ولده الصغير بالنكاح؛ فإن قال: كنت زوجت ابنتي الصغيرة أمس من فلان أو زوجت لابني الصغير فلانة أمس فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله لا يصدق الأب على ذلك وإن صدقته المرأة أوالزوج ما لم يشهد بذلك شاهدان أو يصدقان بعد الإدراك.
وإنما تبين هذا فيما إذا أقر الولي عليهما بالنكاح ثم أدركا فكذا هذا، أو أقام المدعي عليهما شاهدين بعد البلوغ بإقرار الولي عليهما بالنكاح في حالة الصغر، وكذلك على هذا الوكيل بالنكاح من جانب الرجل أو المرأة إذا أقر على موكله بالنكاح، وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في آخر باب النكاح بغير شهود: أنّ على رواية كتاب الطلاق الخلاف في إقرار الولي بالنكاح على الصغير، فأما إقرار الوكيل فجائز على الموكل عند أبي حنيفة رحمه الله إذا كان الأمر مقراً بأن امرأة تعقله قال رحمه الله والأصح أن الخلاف في الكل، فإن قيل: على من تقام البينة في مسألة الصغير والصغيرة، والبينة لا تقبل إلا على منكر يعتبر إنكاره؟ وليس هنا منكر يعتبر إنكاره، قلنا: القاضي ينصب خصماً للصغير والصغيرة حتى ينكر فتقام عليه البينة فيثبت النكاح في حق الصغير والصغيرة.
ومما يتصل بهذا الفصل مسألة النكاح بغير ولي. الحرة البالغة العاقلة لوزوجت نفسها من رجل هو كفء لها أو ليس بكفء لها نفذ النكاح في ظاهر رواية أبي حنيفة رحمه الله وهو قول أبي يوسف رحمه الله آخراً، لا أن الزوج إذا لم يكن كفئاً فللأولياء حق الاعتراض، فروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أن الزوج إذا لم يكن كفؤاً لا ينفذ النكاح وكان أبو يوسف رحمه الله أولاً يقول: يتوقف النكاح إلى أن يجيزه الولي أو الحاكم، على كل حال وهو قول محمد رحمه الله، وصح رجوع محمد إلى قول أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف رحمه الله آخراً، ذكره في كتاب «الحيل» وإذا قصرت في مهر مثلها فللأولياء حق المخاصمة مع الزوج حتى تبلغ تمام مهر مثلها أو يفرق القاضي بينهما.
وإذا فرّق القاضي بينهما. لا يجب لها إلا المسمى في العقد، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله ليس للأولياء حق المخاصمة وجاز النكاح بما سمت، وقول محمد رحمه الله لا يأتي في هذه المسألة، وإنما يأتي في مسألة أخرى: أن السلطان إذا أكره رجلاً أن يزوج وليته من كفء بأقل من مهر مثلها فرضيت المرأة بذلك ثم زال الإكراه فللولي حق الخصومة مع الزوج حتى تبلغ مهر مثلها أو يفرق القاضي بينهما، وعلى قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله: لا حق للولي في ذلك وكذلك في مثله. إذا كانت المرأة مكرهة ثم زال الإكراه؛ على قول أبي حنيفة رحمه الله حق الخصومة للمرأة مع الولي، وعلى قولهما: حق الخصومة للولي لا غير، وهو بناء على أن الحق إلى تمام مهر مثلها عند أبي حنيفة رحمه الله للمرأة وللأولياء حق الكفاءة، وعندهما: الحق للمرأة لا