للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم تبلغ فإن بلوغها لم ينقل في الحديث، وبه أخذ المشايخ، ومن المشايخ من قال: ليس للزوج أن يدخل بها ما لم تبلغ، وأكثر المشايخ على أنه لا عبرة للسن في هذا الباب، وإنما العبرة للطاقة إن كانت صحة سمينة تطيق الرجال ولا يخاف عليها المرض من ذلك؛ كان للزوج أن يدخل بها وإن لم تبلغ تسع سنين. فإن كانت نحيفة مهزولة لا تطيق الجماع ويُخاف عليها المرض لا يحل للزوج أن يدخل بها، وإن كبر سنها وهو الصحيح.

وكذلك المشايخ اختلفوا على نحو هذا في ختان الصغيرة، بعضهم اعتبروا البلوغ وبعضهم اعتبروا تسع سنين وبعضهم عشر سنين، وبعضهم يعتبر أن الطاقة إن كان قوياً بحيث يطيق ألم الختان يختتن قبل سنة أو أكثر. وإذا نقد الزوج المهر فطلب من القاضي أن يأمر أبا المرأة بتسليم المرأة فقال أب المرأة: إنها صغيرة لا تصلح للرجال، ولا تطيق الجماع. وقال الزوج: لا بل هي تصلح للجماع وتطيق الرجال، قال ننظر؛ إن كانت ممن يخرج أخرجها القاضي وأحضرها ونظر إليها فإن صلحت للرجال أمر برفعها للزوج، وإن لم تصلح لم يأمر، وإن كانت ممن لا يخرج أمر من يثق بهن من النساء أن ينظرن إليها فإن قلن: إنها تطيق الرجال وتحتمل الجماع أمر الأب برفعها إلى الزوج، وإن قلن لا تحتمل الجماع لا يؤمر بتسليمها إلى الزوج.

في «أدب القاضي» للخصاف في باب المطالبة بالمهر: وإن ادعى الزوج أنها بلغت مبلغ النساء وقال الأب: هي صغيرة لم تبلغ ولا تحتمل الرجال وهي ممن يشك في بلوغها، إذا قلن إنها تحتمل الرجال دفعت إلى الزوج في هذا الباب، وإن للزوج بينة تشهد على سنها قد عرفت مولدها. فإن كانت قد أتى عليها خمس عشر سنة دفعت إلى الزوج؛ لأن الظاهر أن المرأة إذا بلغت هذا المبلغ تصلح للرجال فتدفع إليه إلاّ إذا تبين بخلافه، ألا ترى أن البالغة إذا كانت لا تحتمل لا يؤمر بدفعها إلى الزوج كذا هنا.

صغيرة لا يُستمتع بها زفها أبوها فللأب أن يطالب الزوج بمهرها بخلاف النفقة في هذا الباب، وفي «فتاوى أبي الليث» رحمه الله أيضاً. والفرق: وهو أن النفقة بإزاء الاحتباس في حق الزوج وهي غير محبوسة لحق الزوج؛ لأن الزوج لا يستمتع بها بخلاف المهر؛ لأن المهر بإزاء الملك والملك ثابت، وفي «البقالي» قيل: ليس للأب أن يطالب الزوج بمهر ابنته الصغيرة إلى أن تصير بحال ينتفع بها (......) الزوج مهر ابنته البكر، وإن كانت كبيرة استحساناً إلا إذا نهته عن القبض فحينئذ ليس له علاقة بمطالبته، فليس لأحد من الأولياء ذلك إلا بوكالة منها، وإن كانت بنتاً كانت كبيرة فليس للأب المطالبة بالمهر.

وفي «المنتقى» إبراهيم عن محمد رحمه الله وبشر عن أبي يوسف رحمهم الله: إذا أقر الأب بقبض المهر والبنت بكر صُدّق وعنه أيضاً إبراهيم عن محمد رحمه الله: رجل

<<  <  ج: ص:  >  >>