ما فيه لم يضمن الشاق ما سال منه واحتج على صاحب الزق بسكوته.
وهنا مسألة أخرى من هذا الجنس: إنّ غير الأب والجد إذا زوج الصغيرة فبلغت وهي بكر فسكتت ساعةً بطل، وجعل سكوتها بمنزلة الرضا صريحاً، ولو ضحكت البكر عند الاستئمار أو بعدما بلغها الخبر فهو رضاً، هكذا ذكر القدوري وشيخ الإسلام رحمهما الله، وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله أنها إذا ضحكت كالمستهزئة لمّا سمعت لا يكون رضاً، وإن ابتسمت فهو رضاً، هو الصحيح من المذهب، ذكره شمس الأئمة الحلواني رحمه الله، ولو بكت ذكر هشام في «نوادره» : أنه يكون رضاً، وذكر المعلى عن أبي يوسف رحمه الله أنه لا يكون رضاً، وذكر القدوري رحمه الله في «شرحه» : أن عند أبي يوسف رحمه الله فيه روايتان: في رواية لا يكون رضاً وهو قول محمد رحمه الله، ومن المشايخ من قال: إن كان النكاح عن سكوت وإقرار فهو رضاً، وإن كان عن صياح ولطمِ وجهٍ فهو ردّ، ومنهم من قال: إن كان الدمع حارّاً فهو رد، وإن كان بارداً فهو رضاً.
وإذا زوج البكر وليان كل واحد منهم رجل وهما في الدرجة على السواء، فبلغها العقدان فأجازتهما بطلا، ولو سكتت ذكر القدوري في «شرحه» : أن عند محمد رحمه الله في هذا روايتين: في رواية سكوتها بمنزلة رضاها بالعقدين فبطلا، وفي رواية: هو ليس برد ولا إجازة، والأمر موقوف.
وإذا زوج البالغة أبوها من رجل وأخوها بعد ذلك من رجل آخر وأجازت نكاح الأخ كان جائزاً، وبطل نكاح الأب؛ لأن النكاح لا ينعقد على البالغة بغير رضاها فتوقف النكاحان على إجازتها، فإذا أجازت نكاح الأخ وجد شرط النفاذ في هذا النكاح فينفذ، ومن ضرورته بطلان الآخر ويكون هذا نكاحاً بلا ولي؛ لأن الأخ مع الأب ليس بولي فيكون على الاختلاف على ما مرّ.
وفي «فتاوى الفضلي» : صغيرة زوجها عمها لأبيها ثم زوجها عمها لأبيها وأمها فبلغت فأجازت نكاح العم لأب قال: نكاح العم لأب باطل، ولا يبطل نكاح العم لأب وأم بردّها حتى يفرق القاضي بينهما؛ لأن نكاح العم لأب موقوف على إجازة العم لأب وأم (و) نكاح العم لأب وأم ثابت فقد نفذ، لكن لها حق فسخه، والفسخ لا يكون إلا عند القاضي ولم يوجد، والنافذ متى ورد على الموقوف أبطله.
البكر إذا بلغها الخبر فقالت: لا أرضى ثم قالت قد رضيت فلا نكاح بينهما؛ لأن النكاح قد بطل بردها، فالرضا صادَف عقداً مفسوخاً، وعن هذا استحسن المشايخ تجديد العقد عند الزفاف؛ لأن البكر في المرة الأولى تظهر الرد وغير ذلك لم.... منها لو لم يجدد العقد لكانت تزف إلى أجنبي.
في «المنتقى» : ابن سماعة عن محمد رحمه الله: إذا قال الرجل لابنته الكبيرة وهي