للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء، خلافاً لخلف بن أيوب رحمه الله.

وإنما الكلام في ثبوت الحرمة: بالرضاع وفي استحقاق الأجر، فأما الكلام في ثبوت الحرمة، قال أبو حنيفة رحمه الله: يثبت بحكم الرضاع في الصغير إلى ثلاثين شهراً، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله إلى سنتين.

حجتهما: قوله تعالى: {وَالْولِدتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (البقرة: ٢٣٣) وقال عليه السلام: «لا رضاع بعد الحولين» ولأبي حنيفة رحمه الله قوله تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} (البقرة: ٣٣) اعتبر التراضي والتشاور.

في الفصال بعد الحولين ورفع الجناح عن الفصال بعد الحولين بالتراضي والتشاور فهذا دليل على أن ما بعد الحولين مدة الرضاع، ولأن الرضاع يتعلق باللبن في حق الصغير؛ لأنه سبب للنشوء والزيادة وهو الغذاء الأصلي في حقّه، والغذاء لا يتغير إلا بعد زمان فلا بدّ من اعتبار مُدّة بعد ذلك حتى يتغير به الغذاء، فقدّر أبو حنيفة رحمه الله تلك المّدة بستة أشهر لأنها مدّة تغيّر الغذاء، فإن الولد يبقى في النظر ستة أشهر ويتغذى بغذاء الأم، ثم ينفصل ويصير أصلاً في الغذاء، فإنما قدّر المدّة بستة أشهر لهذا.

أما الكلام في استحقاق الأجر؛ قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: هو على هذا الخلاف، حتى إن المطلقة تستحق أجرة رضاع الولد على الأب إلى تمام حولين ونصف عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمد رحمهم الله: تستحق إلى تمام حولين ولا تستحق فيما دون الحولين.

وكثير من المشايخ قالوا: إن مدة الرضاع في حق استحقاق الأجرة على الأب مقدرة بحولين عند الكل حتى لا تستحق المطلّقة أجرة الرضاع بعد الحولين بالإجماع، وتستحق في الحولين بالإجماع.

ولو فطم الرضيع في مدة الرضاع ثم سقي بعد ذلك في المدة فهو رضاع على قول من يرى الرضاع في تلك المدة؛ لوجود الإرضاع والظاهر من المذهب، وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله أنه قال: هذا إذا لم يتعود الصبي الطعام حتى لا يكتفي بالطعام بعد الفطام، وأما إذا صار بحيث يكتفي بالطعام لا تثبت الحرمة بعد ذلك؛ لأنه إذا صار بحيث يكتفي بالطعام فاللبن يفسده بعده ذلك ولا يغذيّه ولا يحصل به النشوء، وهو المعنى المعوّل عليه في إثبات الحرمة بعد الرضاع. وفي «البقالي» : إذا فطم في الحولين واستغنى بالطعام فأرضع بعد ذلك؛ فعن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله روايتان.

والبكر إذا نزل لها اللبن تعلق به الحرمة ما تتعلق بلبن الثيب. قال في «الأجناس» :

<<  <  ج: ص:  >  >>