للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووطئها الثاني؛ أجمعوا أنها إذا ولدت من الثاني، فاللبن من الثاني وينقطع عن الأول، وأجمعوا على أنها إذا لم تحبل من الثاني فاللبن من الأول. وأما إذا حبلت من الثاني ولكن لم تلد منه؛ قال أبو حنيفة رحمه الله: اللبن يكون من الأول حتى تلد من الثاني، وقال أبو يوسف رحمه الله: إن علم أن اللبن من الثاني بأمارة أو علامة فهو من الثاني، وإن علم أنه من الأول فهو من الأول، وإن لم يعلم أنه من الأول أو من الثاني فهو من الأول، وذكر في اختلاف زفر ويعقوب رحمهما الله: أن على قول أبي يوسف رحمه الله: اللبن من الثاني على كل حال.l

فروى الحسن بن زياد عن أبي يوسف رحمهما الله: أن اللبن من الأول كما هو قول أبي حنيفة رحمه الله، وقال محمد رحمه الله: اللبن منهما.

نوع منه ولا فرق في التحريم بين الرضاع الطارىء والمقدم

بيانه: إذ تزوج رضيعة فأرضعتها أمه، حرمت عليه؛ لأنها صارت أختاً له؛ وهذا لأن المحرمية إنما تمنع النكاح لعلة المنافاة، فإن بين الحل والحرمة تنافٍ، والمنافي كما يؤثر إذا اقترن بالسبب يؤثر إذ جرى عليه.

وكذلك: إذا تزوج رضيعتين فأرضعتهما امرأة معاً، أو واحدة بعد أخرى حرمتا عليه؛ لأنهما صارتا أختين من الرضاعة، ويجب لها نصف الصداق؛ لأن الفرقة ثبتت بفعل غيرهما، فإن الأخوة إنما ثبتت بينهما بواسطة الأمومة والأمومة، حصلت بفعل الكبيرة؛ والإضافة إلى فعلها أولى من الإضافة إلى فعل الصغيرة؛ لأن اختيارها معتبر، واختيار الصغيرة ساقط الاعتبار شرعاً، فيرجع الزوج على المرضعة بذلك إن تعمدت الفساد، ويعتبر القصد مع العلم بالحكم.

وإن أخطأت وأرادت الخير؛ بأن خافت على الرضيع الهلاك من الجوع فلا يرجع عليها، وهذا لأن المرضعة مسببة إلى الفرقة وليست بمباشرة، والمسبب إنما يضمن إذا كان متعدياً في تسببه، فإذا تعمدت الفساد فهي متعدية، وإذا أخطأت أو أرادت الخير فهي ليست بمتعدية، وتصدق المرضعة أنها لم تتعمد الفساد إذا لم يظهر خلافه.

في «البقالي» : وعن محمد رحمه الله: أنه يرجع عليها بكل حال؛ لأن من أصله أن المسبب كالمباشر. أصله: مسألة فتح باب القفص والإصطبل وأشباه ذلك.

في «العيون» : رجل تزوج رضيعتين فجاءت امرأتان ولهما منه لبن، فأرضعت كل واحدة منهما إحدى الصبيتين معاً، وتعمدتا الفساد، لا ضمان على كل واحدة منهما؛ لأن كل واحدة منهما غير مفسدة بصنعها وبنفسها خاصةً هكذا وضع المسألة في «العيون» .

وفي «المنتقى» : وضع المسألة فيما إذا جاءت امرأتان برجل أجنبي، لهما من ذلك الرجل الأجنبي لبنٌ، وأرضعت كل واحدةٍ منهما إحدى الصبيتين معاً وتعمدتا الفساد، وأجاب: أنه لا ضمان على واحدة منهما لأن كل واحدة منهما غير مفسدة بنفسهما وبصنعها خاصة، قال: هو بمنزلة مريض قال لامرأتين: إن دخلتما هذه الدار فأنتما

<<  <  ج: ص:  >  >>