شرحه: ولو أخر الزوج المهر فالأجرة له ويتصدق بها، وهذا لأن المنافع إنما تتقوم بالعقد عندنا، والعقد كان من الزوج غير أنه يتصدق بالأجرة لأنها حصلت عن محل مملوك للغير فدخل الخبث هذا إذا حدثت الزيادة في يد الزوج.
وإن حدثت الزيادة في يد المرأة ثم طلقها قبل الدخول فهذه الزيادة لا تنصف بلا خلاف وهل منع تنصف الأصل، فإن كانت الزيادة منفصلة وقد استفيدت بسبب المنافع كالكسب والغلة يمنع تنصف الصداق. وإن كانت الزيادة متولدة من العين كالولد أو كانت مستفادة سبب العين كالإرث يمنع تنصف الأصل، وعلى المرأة نصف قيمة الأصل يوم قبضت، فكذلك لو لم يطلقها الزوج في هذه الصورة، لكنها ارتدت أو قبّلت ابن زوجها فعليها رد جميع القيمة يوم القبض فصار أثر الردة في حق الكل بمنزلة أثر الطلاق في حق الطلاق.
فروي عن أبي يوسف رحمه الله في الردة والتقبيل أنه يجب عليها رد الأصل والزيادة. فرّق (٢١٠أ١) بين الزيادة والتقبيل وبين الطلاق، وإن كانت الزيادة الحادثة في يد المرأة متصلة؛ كالسمن والجمال فإنها تمنع تنصف الأصل عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، وعلى المرأة نصف قيمة الأصل يوم القبض. وقال محمد رحمه الله لا يمنع تنصف الأصل. ولو هلكت هذه الزيادة ثم طلقها كان لها نصف الأصل لأن المانع من التنصيف قد ارتفع، ولو حدثت هذه الزيادة في يد المرأة بعد الطلاق أو الزيادة ثبت حق الزوج في الزيادة. هكذا ذكر القدوري رحمه الله؛ لأن الصداق في يدها في هذه الصورة بمنزلة المقبوض بحكم العقد الفاسد، فيجب عليها الرد بزوائدها المتصلة والمنفصلة جميعاً.
وفي «المنتقى» : قال هشام: سألت محمداً رحمه الله عن رجل تزوج امرأة على نخيل صغار طول النخلة قدر شبر وسلمها إليها، فمكثت حتى صارت النخيل طول الرماح إلا أنها لم تحمل ثم طلقها قبل الدخول بها قال: له أن يأخذ بعضها بالعدد.
فقد أشار إلى الزيادة المتصلة في يد المرأة تنصف، وأنه يخالف رواية الأصل كما بيّنا.
قال هشام: قلت: فإن تزوجها على زرع حنطة بعل ودفعه إليها، وأعارها الأرض حتى بلغ الزرع وانعقد الحب قال: إن كان الحب قد استبدَ فلا سبيل للزوج على الزرع؛ لأنه قد خرج من الحالة التي تزوجها عليها. قلت: فإن تزوجها على عشرين شاة عجاف فأحسنت إليها حتى حملت ودرّ اللبن من ضروعها ثم طلقها قبل أن يدخل بها قال: يأخذ بعضها على حالها. هذا هوالكلام في الزيادة.
جئنا إلى النقصان فنقول: إذا انتقص المهر في يد الزوج ثم طلقها قبل الدخول بها فهذا على وجوه:
أحدها: أن يكون النقصان بآفة سماوية وأنه على وجهين: إن كان النقصان يسيراً كان لها نصف الخادم معيناً من غير ضمان النقصان، ليس لها غير ذلك، وإن كان النقصان فاحشاً فلها الخيار؛ إن شاءت تركت المهر على الزوج وضمنته نصف قيمته يوم العقد، وإن شاءت أخذت نصف الخادم معيناً من غير أن يضمن الزوج ضمان النقصان.