المهر الثاني كاملاً وعليها العدة مستقبلة عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، وعند محمد رحمه الله: يجب نصف المهر الثاني وتلزمها بقية العدة الأولى.
وكذلك لو كان النكاح الأول صحيحاً وطلقها تطليقة بائنة بعد ما دخل بها، ثم تزوجها في العدة ثم طلقها في النكاح الثاني قبل الدخول بها فلها المهر الثاني كاملاً عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله. فالحاصل: أن في الدخول في النكاح الأول دخول في النكاح الثاني إذا حصل النكاح الثاني في العدة، وأجمعوا على النكاح الثاني لو كان فاسداً وفرق بينهما قبل الدخول بها في النكاح الثاني أنه لا يجب المهر الثاني؛ لأن الدخول في النكاح الأول إنما اعتبر دخولاً في النكاح لتمكنه من الدخول شرعاً، وذلك بالعقد الفاسد لا يكون. وبهذا الطريق قلنا: إن الخلوة في العقد الفاسد لا توجب المهر والعدة، هذه الجملة في نكاح «الأصل» في باب الأكفاء. ذُكر في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: رجل تزوج امرأة نكاحاً فاسداً وجاءت بولد أتى بستة أشهر ثبت النسب، فالنكاح الفاسد بعد الدخول في حق النسب بمنزلة النكاح الصحيح ويعتبر أقله وذلك ستة أشهر من وقت النكاح عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، وعند محمد رحمه الله من وقت الدخول.
قال الفقيه أبو الليث: والفتوى على قول محمد رحمه الله؛ لأن النكاح الصحيح إنما يقام مقام الوطء؛ لأنه داعٍ إليه شرعاً، والنكاح الفاسد ليس بداعٍ فلا يقام مقام الوطء.
وذكر في كتاب الدعوى في «الأصل» : إذا تزوجت الأمة بغير إذن مولاها ودخل الزوج ثم ولدت لستة أشهر منذ تزوجها، فادعاه المولى والزوج فهو ابن الزوج؛ لأن النكاح الفاسد عند اتصال الدخول به في حق النسب ملحق بالنكاح الصحيح، والجواب في النكاح الصحيح ما قلنا فكذا هنا، فقد اعتبر المدة من وقت النكاح فإنه وضع المسألة فيما إذا ولدت لستة أشهر منذ تزوجها، ولم يحك خلافاً.
قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: هذه المسألة دليل على أن الفراش ينعقد بنفس العقد في النكاح الفاسد، خلافاً لما يقوله بعض مشايخنا لا ينعقد إلا بالدخول. وذكر شيخ الإسلام رحمه الله أيضاً: أن الفراش لا ينعقد بالنكاح الفاسد إلا بالدخول.
وتأويل هذه المسألة على (ما) ذكره شيخ الإسلام: أن الدخول كان عقيب النكاح بلا فصل، فتكون المدة في وقت النكاح وفي وقت الدخول سواء. إذا تزوجها نكاحاً فاسداً وخلا بها وجاءت بولد وأنكر الزوج الدخول فعن أبي يوسف رحمه الله روايتان، في رواية قال: يثبت النسب ووجب المهر والعدة، وفي رواية قال: لا يثبت النسب ولا يجب المهر ولا تجب العدة وهو (قول) زفر رحمه الله، وإن لم يخل بها لا يلزمه الولد.
في «مجموع النوازل» الطلاق في النكاح الفاسد ليس بطلاق على الحقيقة بل هو متاركة، حتى لا ينتقص من عدد الطلاق، والمتاركة في النكاح الفاسد لا تتحقق بعدم