الجارية الإسلام، فإن أسلمت فهي امرأته وإن أبت فرّق بينهما ولا مهر لها إن لم يكن دخل بها، وهذا استحسان والقياس أن لا يفرق بينهما.
ومن مشايخنا من قال: هذا ليس بقياس واستحسان مبتدأ في هذه المسألة إنما هو القياس. والاستحسان الذي يذكر في الصبي العاقل إذا أسلم، فالقياس أن لا يصح إسلامه، وفي الاستحسان: يصح ومنهم من قال: هذا قياس واستحسان آخر في هذه المسألة وجه: القياس في ذلك: أن في عرض الإسلام عليها وهي صغيرة خطاب لها بالإسلام، والإجماع أن خطاب العقل ساقط عن الصغير ما لم يبلغ، إذ اختلفوا أنه إذا أسلم هل يصلح إسلامه. وجه الاستحسان: أن الصبي العاقل والصبية العاقلة إنما لا يخاطبان بالعقل قبل البلوغ لحق الله، وهاهنا لا تخاطب الصغيرة بالإسلام لحق الله وإنما تخاطب به لحق الزوج حتى يبقيان على النكاح، والصغيرة يجوز أن تخاطب بأداء حقوق العباد، فإن أسلمت بقيا على النكاح، فإن أبت فُرّق بينهما، وهذا لا يشكل على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله؛ لأن على قولهما ردتهما عن الإسلام صحيحة وإنها إنكار بعد الإقرار، فأولى أن يصح إباؤها، وإنه امتناع عن قبول الإسلام، وأما على قول أبي يوسف رحمه الله اختلف المشايخ منهم من لم يصحح إباءها على قوله وسوى بينه وبين الردة، ومنهم من صحح إباءها وفرق بين الإباء والردة. واختلفت عباراتهم في ذلك بعضهم قالوا: إن أبا يوسف رحمه الله إنما أبطل الردة شرعاً رحمة على الصبي، وههنا وُجد الإباء بناء على العرض حقاً على العبد وإنه تقتضي صحته، وبعضهم قالوا: الردة تبدليل الاعتقاد ولا اعتقاد للصغير ولا ردة فأما الإباء مداومة على ما كان قبل ذلك، فلا حاجة فيه إلى اعتقاد بعدما تيقنابإبائه وحكمنا به، ولم يقع مثله في الردة ولم يحكم به.
قال محمد رحمه الله في «الجامع» : نصراني زوج ابنه النصراني وهو صغير لا يعقل امرأةً كبيرة نصرانية، فأسلمت المرأة وطلبت من القاضي التفريق، فالقاضي لا يفرق بينهما حتى يبلغ الصغير أو يعقل الإسلام، وإذا عَقَلَهُ عرض عليه الإسلام فإن أبى فرق بينهما ولا يجعل إباءً لأن قبل بلوغه بمنزلة إبائه بعد البلوغ. فرق بين هذا وبينما إذا كان الزوج نصرانياً معتوهاً مطبقاً لا ترجى صحته، وأبواه نصرانيان زوّجه أبوه امرأة نصرانية فأسلمت وأرادت التفريق فإن القاضي يُحضر والده إن كان حيّاً، ووالدته إن كان الوالد ميتاً، ويقول له: إما أن تسلم فيصير ابنك مسلماً بإسلامك وإلا فأفرق بينهما والقاضي عاجز عن عرض الإسلام على الزوج في الموضعين، وكل واحد منهما يصير مسلماً بإسلام الأب، والفرق بينهما: أن التفريق بعد إسلام المرأة معلق بإباء الزوج الإسلام من كل وجه، وكذلك بأن يوجد الإباء من الزوج حقيقة وحكماً، وبقاؤهما على النكاح معلّق بإسلام الزوج من كل وجه، وذلك بأن يوجد الإسلام من الزوج حقيقة وحكماً، وهذا مرجو متى عقل الصغير أو بلغ ولبلوغه غاية معلومة فتأخر الأمر إلى أن يوجد من الزوج الإسلام من كل وجه أو الإباء من كل وجه ولا يكون هذا إبطالاً لحق المرأة في التفريق فوجب التأخير ولم يجز إقامة إسلام ناقص وإباء ناقص مقام الكامل من غير ضرورة، وأما في مسألة المعتوه متى