للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزوج خصماً في دعوى جماع الغائبة عليه، وجماع الغائبة سبب لما تدّعي الحاضرة من فساد نكاحها، بخلاف ما لو أقامت الحاضرة البينة على مجرد النكاح؛ لأن النكاح لا يتم بالزوج وحده وإنما يتم به وبقبولها، وقدر ما يوجد من الزوج وإن كان الزوج فيه خصماً إلا أنه يكفي لما ادعى الحاضرة من فساد نكاحها، وما يوجد من قبول الغائبة والزوج فيه ليس بخصم، فتلك البينة قامت على غير الخصم أماها هنا بخلافه.

ثم إذا قضى القاضي بجماع الغائبة هل يقضى لها بالمهر، حتى إذا حضرت أخذت الزوج بذلك من غير إعادة البنية؟ لم يذكر محمد رحمه الله هذا الفصل في «الكتاب» ، وإنما أشار إلى أنه يقضي، وعليه عامة المشايخ.

وكذلك إذا أقامت الحاضرة البينة على أن الزوج تزوج أمها أو ابنتها أو قبّلها بشهوة، أو لمسها بشهوة أو نظر إلى فرجها بشهوة، فالجواب فيه كالجواب فيما إذا أقامت البينة أنه تزوجها وجامعها، وكذلك لو أقامت البينة على إقرار الزوج أنه قبّلها أو لمسها بشهوة ثم هذه المسألة دليل على أن الشهادة على التقبيل واللمس بشهوة مقبولة، وهذا فصل اختلف فيه المشايخ، وبعضهم قالوا: لا تقبل، وإليه مال الشيخ الإمام الجليل أبو بكر محمد بن الفضل البخاري رحمه الله.

ومعنى قول محمد رحمه الله في «الكتاب» شهدوا أنه قبلها أو لمسها بشهوة على قول هؤلاء: شهدوا على إقرار الزوج بذلك بعضهم قالوا: تقبل، وإليه مال الشيخ الإمام فخر الإسلام علي البزدوي رحمه الله. وهذه المسألة دليل على قول هؤلاء، ولا يمكن حمل المسألة على الشهادة على إقرار الزوج؛ لأن محمداً رحمه الله ذكر فصل الشهادة على اللمس والتقبيل بشهوة أولاً، وعطف عليه فصل الشهادة على إقرار الزوج بذلك.

وفي «المنتقى» : إبراهيم عن محمد رحمه الله: رجل أقام بينّة على امرأة أنها امرأته، وأقامت المرأة بينة على رجل آخر أنها امرأته وهو يجحد فالبيّنة بيّنة الزوج. علل فقال: لأن شهود الزوج شهدوا عليها بالنكاح وبه يثبت إقرارها بنكاح هذا الرجل فإقرارها على نفسها أصدق من بينتها، قال: ألا ترى أنه لو أقام رجل على رجل البينة أني اشتريت منك ثوبك هذا وأقام صاحب الثوب بيّنة على آخر أني بعتك هذا الثوب وهو يجحد، والبينة بينة المدعي على صاحب الثوب، وطريقه ما قلنا.

قال: ولو كانت المرأة حين أقامت البينة على ذلك الرجل إذا ادعى الرجل نكاحها كانت البينة بينة المرأة. وهو كامرأة أقام عليها رجلان البينة على النكاح ولمن. لم يؤقتا فأيهما صدّقته المرأة فهو زوجها، هذا هو لفظ «المنتقى» .

قال في «الأصل» : إذا تبايع رجلان في امرأة كل واحد يدعي أنها امرأته، وأقام البينة، وإن كانت في بيت أحدهما أو كان دخل بها أحدهما فهي امرأته لأنه تمكنه من الدخول بها أو من نقلها إلى بيته دليل سبق عقده فيقضى له بالمرأة إلا إذا أقام الآخر بيّنة أنه تزوجها قبله فحينئذ يسقط اعتبار دليل السبق عند التصريح بالسبق وإن لم تكن في بيت واحد منهما ولا دخل بها أحدهما، فإن وقّتا فالوقت الأول أولى، فإن لم يوقتا أو وقتا

<<  <  ج: ص:  >  >>