وروى بشر عن أبي يوسف رحمه الله: رجل وامرأة في أيديهما دار أقامت المرأة بينة أن الدار لها والرجل عبدها، وأقام الرجل بينة أن الدار له وأن المرأة زوجته تزوجها على ألف درهم ودفعها إليها ولم يقم بينة أنه حرّ، فإنه يقضي بالدار للمرأة ويقضي بالرجل عبداً لها، ولو أقام بينة أنه حرّ الأصل، والمسألة بحالها كانت المرأة امرأته ويقضي بأنه حر ويقضي بالدار للمرأة من قبل أن الدار والمرأة في يدي الرجل حيث جعلها امرأته، فالمرأة هي المدعية للدار كزوجين في أيديهما دار أقام كل واحد منهما بينة أن الدار داره وهناك يقضي بالدار للمرأة، قال: وهكذا في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله، قال: ولو لم يكن بينهما بيّنة كانت الدار للزوج.
نوع منه فى اختلافهما في صحة العقد وفساده
امرأة قالت لزوجها تزوجتني بغير شهود وقال الزوج: لا بل تزوجتك بشهود، فالقول قول الزوج. ولو قالت المرأة: تزوجتني وأنا صبية، وقال الزوج: تزوجتك وأنت بالغة فالقول قولها.
الأصل في جنس هذه المسائل ما مر قبل هذا في فصل الشهادة في النكاح أن الزوجين إذا اختلفا في صحة العقد وفساده، فالقول قول من يدعي الصحة لشهادة الظاهر له فبعد ذلك إن كان المدعي للصحة المرأة يفرّق بينهما، يجعل كأن الزوج أمر بثبوت حرمة حالية كأنه قال لها: أنت عليّ حرام للحال، فيفرق بينهما ولها عليه نصف المهر إن لم يدخل بها، وجميع المهر إن دخل بها وعليها العدة. وإذا اختلفا في وجود أصل النكاح فالقول (قول) من ينكر الوجود.
إذا ثبت هذا فنقول: في الفصل الأول: اختلفا في صحة العقد وفساده لا في وجود أصله: لأن الشهادة شرط صحة العقد لا شرط وجوده. وفي الفصل الثاني: اختلفا في وجود أصل العقد لأن النكاح في حالة الصغر قبل إجازة الولي ليس بنكاح معنى لأن النكاح متردد بين الضرر والنفع، وعبارة الصبي في مثل هذا التصرف ملحق بالعدم، فكانت منكرة وجود العقد، فكان القول قولها. وإذا جعلنا القول قول الزوج في المسألة الأولى وقضى القاضي بالنكاح بينهما ذكر أن في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف الأول وسعها أن تدعه يجامعها، وإن مات الزوج حل لها أخذ الميراث، وإن كانت صادقة فيما قالت لا يسعها المقام معه ولا يسعها أن تدعه يجامعها ولا يأخذ ميراثها إلا أن يرجع عن هذا القول قبل موت الزوج، وهذه المسألة فرع مسألة قضاء القاضي بشهادة الزور.
وكذلك إذا قالت المرأة لزوجها: تزوجتني وأنا معتدة فلان، وقال الزوج: تزوجتك بعد انقضاء العدة، فالقول قول الزوج ويقضى بالنكاح بينهما لأن الاختلاف وقع في صحة العقد، فالزوج يدعي صحته، فيكون القول قوله. وهل يسعها المقام معه وأن تدعه يجامعها؟ إن علمت وقت القضاء أنها كانت منقضية العدة يسعها ذلك في (قول) أبي حنيفة