لأن هذه الفرقة لحق المرأة، وحق المرأة في نفس الفرقة لا في الطلاق، وبعضهم قالوا: هي فرقة بطلاق لا بسبب فرقة قد تحققت وهو الجب، والطلاق هو المتعين للفرقة شرعاً، وإذا استحقت الفرقة قد استحقت ما تعيّن لها شرعاً ولا حاجة في الإيقاع إلى عبارة الصبي؛ لأن القاضي هو الذي يوقعه، فصار الصبي في هذا كالبالغ فصار كالصبي إذا مَلَكَ قريبه يعتق عليه، وإن لم يكن الصبي من أهل العتق؛ لأنه تحقق سببه وهو ملك القريب، ولا يحتاج فيه إلى عبارة الصبي، فصار هو في حق عتق القريب كالبالغ كذا هنا إلا أن القاضي لا يفرق بين الصبي وامرأته ما لم يكن عنه خصم حاضر لأن القضاء على الغائب لا يجوز، والصغير وإن كان حاضراً حقيقة فهو غائب حكماً لكونه عاجزاً عن الخصومة بنفسه.
وإن كان للصغير أب أو وصي أب كان خصماً عن الصغير في ذلك كما كان خصماً في جميع ما كان للصغير وعليه، وإن لم يكن الأب ولا وصيه، فالجد أو وصيه خصمه فيه، فإن لم يكن له جد ولا وصيه فالقاضي ينصب عنه خصماً فإذا جاء الخصم بحجة يبطل الحاكم حق المرأة من بيّنة يقيمها على رضاها بهذا العيب أو علمها بهذا العيب لم يفرق بينهما، وإن لم يكن للخصم بينة على ذلك وطلبَ يمين المرأة تحلف المرأة، لأنه يدعي عليها معنى لو أقرّت به يلزمها فإن نكلت لم يفرق بينهما فإن حلفت فرق بينهما.
ولو كانت المرأة صغيرة زوجها أبوها، فوجدت زوجها مجبوباً لا يفرّق بينهما بخصومة الأب حتى تبلغ، علل محمد رحمه الله في «الكتاب» فقال: لأني (لا) أدري لعلها سترضى بزوجها إذا بلغت، وفرّق بين هذه المسألة وبينما إذا ورث الصغير عبداً قد اشتراه مورثه، واطلع الولي على عيب (بالعنين) قد كان عند بائع مورثه كان للولي أن يخاصم البائع في العيب، ولا ينتظر بلوغه. وكذلك إذا كان للصغير قصاص أو شجة فللولي أن يستوفيه ولا ينتظر بلوغه.
ولو كانت المرأة البالغة والمسألة بحالها فوكلت المرأة رجلاً بالخصومة مع زوجها وجاءت هل يفرق بينهما بخصومة الوكيل؟ لم يذكر محمد رحمه الله هذا الفصل في «الكتاب» . وقد اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: لا يفرق بل ينتظر حضورها ألا ترى أنه لا يفرق بخصومة الأب إذا كانت البنت صغيرة، وبعضهم قالوا: يفرق بينهما. وفرق بين الصورتين والفرق أن المرأة إذا كانت بالغة غائبة فلو أخرنا التفريق إلى أن يحضر، وليس بحضرتها من الغيبة وقت معلوم كان في هذا التأخير إبطالٌ لحقها في التفريق، فيفرق بخصومة الوكيل لصيانة حقها، فأما إذا كانت صغيرة فليس في تأخير الفرقة إلى أن تبلغ إبطال حقها في التفريق لأن لبلوغها غاية معلومة والرضا بعد البلوغ موهوم فوجب التأخير، وإذا وجب التأخير لم يكن إقامة الأب مقامها في استيفاء هذا الحق قبل البلوغ كما لو كان لها دين مؤجل على إنسان لا يقوم الأب مقامها في استيفاء ذلك قبل الأجل، وإن كان استيفاء الدين مما يجري فيه النيابة، وإن وجدت زوجها خصياً، فإن كان بحال تنتشر آلته ويصل إلى المرأة لا خيار لها، وإن كان لا تنتشر آلته ولا يصل إلى المرأة