للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل، إلا أنه إنما قدر على الأصل بعد حصول المقصود بالبدل فلا يسقط حكم البدل على ما عرف في موضعه، وبهذا الحرف يقع الفرق بين هذا الوجه وبين ما إذا رأى الماء في خلال صلاته حيث يتوضأ ويستقبل الصلاة، لأن هناك قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل، وفي مثل هذا يسقط حكم البدل.

وإن رأى ماءً بعدما قعد قدر التشهد فسدت صلاته في قول أبي حنيفة رحمه الله في آخر صلاته، وقالا: لا تفسد وهي من المسائل الإثني عشرية المعروفة بين أهل الفقه، وعلى هذا الخلاف الماسح على الخف إذا انقضى وقت مسحه بعدما قعد قدر التشهد قبل أن يسلّم، فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله (٢١ب١) : تفسد صلاته، وعلى قولهما لا تفسد، وعلى هذا الاختلاف الماسح على الخف إذا وجد في خفه نجاسة فنزعه وكان ذلك بعدما قعد قدر التشهد، والمراد بهذه النجاسة أن تكون قدر الدرهم أو أقل حتى يصح شروعه، أما إذا كانت أكثر من قدر الدرهم لا يصح شروعه فيها، قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله: هذا الاختلاف فيما إذا كان الخف واسعاً بحيث يخرج من رجله من غير معالجة كثيرة، فأما إن كان الخف بحال يحتاج في نزعه إلى معالجة كثيرة، بحيث لو وجد في خلال الصلاة أوجب فساد الصلاة، فإن صلاته تكون باطلة بالإجماع، لأنه يكون خروجاً عن الصلاة بصنعه.

وعلى هذا الخلاف: مصلي الجمعة إذا خرج وقت الجمعة بعدما قعد قدر التشهد، وعلى هذا الخلاف مصلي الفجر إذا طلعت الشمس، والعاري إذا وجد ما يستتر به بعدما قعد قدر التشهد. وعلى هذا إذا علم الأميُّ سورة بعدما قعد قدر التشهد. وعلى هذا: القارىء إذا استخلف أميّاً بعدما قعد قدر التشهد، وعلى هذا المومي إذا قدر على الركوع والسجود بعدما قعد قدر التشهد، وعلى هذا: المصلي إذا تذكر فائتة بعدما قعد قدر التشهد وفي الوقت سعة، وعلى هذا: المستحاضة أو صاحب الحدث الدائم إذا ذهب الوقت أو برىء مرضه. وعلى هذا إذا كان بثوبه نجاسة أكثر من قدر الدرهم فوجد الماء في هذه الحالة. والشيخ الإمام شيخ الإسلام: يزيد على هذه المسائل فائتة الفجر إذا شرع في قضائها فزالت الشمس في هذه الحالة، وكذلك إذا مسح على الجبائر فسقطت الجبائر عنه عن برء وبعدما قعد قدر التشهد.

من أصحابنا من قال هذه المسائل تنبني على أصل وهو: أن الخروج من الصلاة بصنع المصلي فرض عند أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما ليس بفرض.

هما احتجا بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي عليه السلام قال: «إذا رفع المصلي رأسه من آخر السجدة وقعد قدر التشهد فقد تمت صلاته» ولأن بالاتفاق لو تكلم أو قهقه أو أحدث متعمداً أو حاذت المرأة الرجل في هذه الحالة لم تفسد صلاته ولو بقى شيء من فرائض الصلاة لفسدت صلاته بهذه الأمور كما تفسد قبل العقدة، فثبت

<<  <  ج: ص:  >  >>