للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانت على دابة حين جعل الزوج أمرها بيدها فهذا على وجوه: إن كانت الدابة واقفة حين جعل أمرها بيدها فسارت أو كانت سائرة فسارت كذلك خرج الأمر من يدها، وإن كانت واقفة فأجابت ثم سارت أو كانت سائرة وكما سمعت التفويض أجابت في خطوتها ذلك وأسرعت في ذلك حتى سبق جوابها خطوتها بانت منه.

وكذلك الجواب إذا كانت تمشي وإن تسبق خطوتها جوابها لم تبن منه، وإن كانت الدابة سائرة فأوقفتها لا يبطل خيارها، ولو كانت في بيت فمشت في البيت من جانب إلى جانب فهي على خيارها.

والسفينة كالبيت لا كالدابة، وفي الحقيقة لا فرق بين السفينة وبين ظهر الدابة، فإن المجلس قد تبدل حقيقة، ولكن إنما فرقنا بينهما لأن سير السفينة لا يضاف إلى راكبها لأنها لا تساق لكنها تجري بالماء والريح، ليست في يد أحد بخلاف سير الدابة، فإنه يضاف إلى راكبها يقال في العرف: فلان سار اليوم كذا فرسخاً وإن كان سار على الدابة.

قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: وسواء كانا على دابتين أو على دابة واحدة، أو كانت هي على دابة وهو يمشي، أو كانا في سفينتين أو في سفينة واحدة، أو كانا في محلين أو في محل واحد حتى إنهما إذا كانا على عاتق رجل واحد فاختارت نفسها في خطوتها ذلك بانت منه، وإذا قال لها أمرك بيدك فقالت: ادع إلي أبي أستشيره، أو قالت ادع شهوداً أشهدهم فهي على خيارها لأن هذا من أسباب الامتثال، ودليل الإقبال دون الإعراض حتى إذا اختارت نفسها ووقعت الفرقة فالزوج لا ينكرها، وكذا إذا لبست ثياباً من غير قيامها عن المجلس لا يبطل خيارها، وإن لم تجد أحداً يدعو بالشهود فقامت بنفسها ولم تنتقل لتدعوا شهوداً هل يبطل خيارها؟ اختلف فيه المشايخ قال بعضهم: لا يبطل خيارها؛ لأنه لم يوجد منها الإعراض لا نصاً ولا دلالة فإن هذا القيام ليس دليل الإعراض، وقال بعضهم: يبطل خيارها؛ لأنه تبدل المجلس إن لم يوجد منها الإعراض وتبدل المجلس يوجب بطلان الخيار سواء كانت معذورة أو غير معذورة.

ألا ترى أن الزوج إذا أخذ بيدها وأقامها من مجلس الخيار بطل الخيار وإنما بطل لتبدل المجلس لا لوجود الإعراض منها كذا ههنا.

وإذا بدأت الصلاة بعدما جعل أمرها بيدها يبطل الخيار، فلو كانت في صلاة الفريضة لا يبطل خيارها بإتمام الصلاة؛ لأنها ممنوعة عن القطع فلا تكون متمكنة من الاختيار قبل الإتمام، وإنما الإعراض بترك الاختيار بعد التمكن منه وإن كانت في تطوع لم يبطل خيارهما إن سلمت على رأس الركعتين، لأنه لا يحل لها قطع ذلك، وإن قامت إلى الشفع الآخر حينئذ يبطل خيارها؛ لأن كل شفع من التطوع صلاة على حدة، فصار القيام إلى الشفع الآخر بمنزلة اشتغالها بابتداء الصلاة.

ثم إن محمداً رحمه الله في «الأصل» : لم يفصل بين تطوع وتطوع، فروى ابن سماعة في «نوادره» عنه أنها إذا كانت في الأربع قبل الظهر في الشفع الأول فقامت إلى الشفع الثاني، لا يبطل خيارها؛ لأن الأربع قبل الظهر شرعت بتحريمة واحدة لا يجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>