للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطلاق إذا جاء وقت السنة لأن الزوج يتصرف بحكم المالكية، وهو كما يملك التنجيز يملك الإضافة والتعليق فإذا لم يصح هذا القول تنجيزاً صح إضافةً وتعليقاً صيانة للتصرف عن البطلان.

وإن كانت طاهرة من غير جماع حين قالت هذا القول وقعت للحال واحدة لوجود وقت السنة ثم لا يقع عليه بذلك اللفظ شيء في الطهر الثاني والثالث إلا إذا جددت الإيقاع عند كل طهر لما ذكرنا أن المفوض إليها أن تطلق نفسها عند كل طهر طلقة، ومن فوض إليه إيقاع الطلاق في المستقبل إذا أوقع في الحال لا يصح إيقاعه لأنه لا يمكن تصحيحه منجزاً وإنه ظاهر، ولا يمكن تصحيحه معلقاً لأن المفوض إليه التنجيز، فلهذا لا يقع عليها شيء بذلك اللفظ في الطهر الثاني والثالث إلا إذا جددت الإيقاع في الطهر الثاني والثالث، وينبغي أن تجدد الإيقاع في المجلس الذي طهرت فيه الطهر الثاني، وكذا في الطهر الثالث لما عرف.

فإن قيل: لو كان هذا تفويضاً عند كل طهر تطليقة ويجب أن لا يقع في الطهر الأول شيء عند أبي حنيفة رحمه الله، لأنها طلقت نفسها ثلاثاً، والزوج إذا قال لها: طلقي نفسك واحدة فطلقت نفسها ثلاثاً لا يقع شيء عند أبي حنيفة رحمه الله.

قلنا: اختلف مشايخنا في الجواب عن هذا الإشكال بعضهم قالوا ما ذكر في «الكتاب» قولهما، أما على قول أبي حنيفة رحمه الله: لا يقع في الطهر الأول شيء، وبعضهم قالوا: لا بل ما ذكر في «الكتاب» قول الكل، والفرق لأبي حنيفة رحمه الله على قول هذا القائل بين هذه المسألة وبين تلك المسألة أن هناك خالفت أمر الزوج لفظاً ومعنى فلم يقع، وههنا وافقت أمره؛ لأنه أمرها أن تطلق نفسها ثلاثاً للسنة وقد طلقت كذلك، والأول أصح.

ولو قال لها: طلقي نفسك ثلاثاً للسنة بألف درهم، فقالت: طلقت نفسي ثلاثاً للسنة بألف درهم وهي طاهرة من غير جماع، وقعت واحدة للحال بثلث الألف، فإذا حاضت وطهرت لا يقع عليها شيء آخر بذلك القول إلا بتجدد الإيقاع لما قلنا وإن جددت الإيقاع بعدما طهرت في مجلس طهرها وقعت واحدة بغير شيء، وكذلك في الطهر الثالث. وإن قال الزوج: أنا رضيت بإيقاعها الثلاث بالألف، وقد أوقعت الثلاث بثلث الألف فصارت مخالفة لا يلتفت إلى قوله، ويقال له: إنها لم تخالف أمرك لفظاً ومعنى، لكن امتنع وجوب بعض البدل حكماً لانعدام شرط الوجوب بالثانية والثالثة، وهو زوال الملك لكون الملك زائلاً بالطلقة الأولى، ولكن الطلاق يجعل شرط وقوعه وجود القبول لا وجوب القبول، وقد تقدم قبول صحيح فوقعت الثانية والثالثة بغير شيء.

لهذا قلنا: وامتناع وجوب بعض البدل حكماً لانعدام شرط الوجوب لا يجعلها مخالفة ألا ترى أنه لو أبانها ثم قال لها: طلقي نفسك واحدة بألف، فقالت: طلقت نفسي بألف يقع الطلاق عليها مجاناً.

وألا ترى أنه إذا قال لغيره: طلق امرأتي بخمر أو خنزير وطلقها، يقع الطلاق بغير شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>