لأن الإيجاب من الزوج مضاف إلى الغد، فالمشيئة من المرأة قبل مجيء الغد يصير ابتداء، ولو ابتدأت مشيئة الطلاق على ألف تتعلق بقبول الزوج، فههنا كذلك.
ولو قال لها: إن شئت الساعة فأنت طالق غداً طالقاً وقع الطلاق في الغد، ولو قال شئت أو نوى ذلك ولم يقل الساعة فقالت شئت أن أكون غداً طالقاً وقع الطلاق في الغد، ولو قال: شئت أن يقع الطلاق في اليوم، فإنه لا يقع الطلاق في اليوم ويخرج الأمر (٢٤٤ * أ١) ، من يدها (وإن قال:) أنت طالق إذا شئت أو متى شئت فلها أن تشاء في المجلس وبعده ولكن مرة واحدة.
ولو قال لها: واحدة بعد واحدة حتى تطلق ثلاثاً.
(ولو قال لها:) أنت طالق كلما شئت فلها ذلك أبداً كلما شاءت في المجلس وغير واحدة بعد واحدة حتى تطلق ثلاثاً. أما في قوله «متى» فلأن متى للوقت فصار كأنه قال: في أي وقت شئت، وهناك لها أن تطلق نفسها في أي وقت شاءت، ولا يبطل بالقيام عن المجلس؛ لأن هذا إيقاع في وقت المشيئة فلا يعتبر له المجلس قبل وقت المشيئة وههنا، كذلك لو ردت الأمر لا يكون رداً لما ذكرنا أن هذا إيقاع في وقت المشيئة والإيقاع لا يحتمل الرد، ثم لها أن تشاء واحدة وليس لها أن تشاء أخرى؛ لأن كلمة متى تعم الزمان، أما (إذا) تعم الأفعال فتملك الإيقاع في أي وقت شاءت ولكن مرة واحدة.
أما في قوله إذا زادا ما، أما عندهما فإن إذا وإذا عندهما للوقت، وعنده يستعملان للشرط وللوقت فباعتبار الشرط يخرج الأمر عن يدها بالقيام عن الملجس، وباعتبار الوقت لا يخرج فلا يخرج بالشك.
وأما في قوله: كلما؛ فلأن كلمة كلما توجب التكرار فيتكرر الطلاق بتكرر المشيئة حتى تتم الثلاث. وإن عادت إليه بعد زوج فليس لها أن تشاء آخر بعد ذلك؛ لأن اليمين إنما يصح باعتبار الملك القائم للحال، فإذا وقعت الثلاث فقد ذهب ذلك الملك بتمامه فلم يبق اليمين وإذا تزوجها بعد ذلك وشاءت الطلاق فقد شاءت ولا يمين. ولو قال: أنت طالق حيث شئت أو إن شئت لم تطلق حتى تشاء، وإن قامت عن مجلسها فلا مشيئة لها بعد ذلك. ولو قال لها: كلما شئت فأنت طالق ثلاثاً فشاءت واحدة، فذلك باطل لأن معنى كلامه كلما شئت الثلاث لأنه لم يذكر للمشيئة خبراً وصار تأخر خبراً للمشيئة. إذا قال لامرأتين له: إذا شئتما فأنتما طالقتان فشاءت إحداهما دون الأخرى، أو شاءتا طلاق إحداهما لا يقع شيء، لأن معنى المسألة: إن شئتما طلاقكما فصار الشرط مشيئتهما طلاقهما.
وكذلك إذا قال لامرأتين له: طلقا أنفسكما ثلاثاً إن شئتما، فطلقت إحداهما نفسها وصاحبتها ثلاثاً في المجلس لم تطلق واحدة منهما، لأن معنى كلامه طلقا أنفسكما إن شئتما طلاكما؛ لأنه لم يذكر لمشيئتهما خبراً فيصرف إلى السابق ذكره وهو طلاقهما.
فإذا طلقت إحداهما نفسها وصاحبتها فإنما وجد نصف الشرط فبوجود نصف الشرط لا يترك الجزاء، فإن طلقت الأخرى نفسها وصاحبتها بعد ذلك ثلاثاً قبل القيام عن