يقع الطلاق رجعياً. ولا يشترط به الطلاق من الزوج عند قوله؛ أجزت لوقوع الطلاق.
ولو نوى الزوج الثلاث عند قوله: أجزت لا تصح نيته؛ لأن تقدير هذه المسألة كأن الزوج قال لها: طلقتك، وهناك لا يحتاج إلى نية الزوج، فلا تصح نية الثلاث منه كذا ههنا.
وكذلك إذا قالت: أبنت نفسي منك أو حرمت نفسي عليك فقال الزوج: أجزت ذلك وهو يريد الطلاق يقع الطلاق؛ لأن هذا تصرف فضولي لم يجد نفاذاً على الفضولي وله مجيز حال وقوعه وهو الزوج فيقف على إجازة الزوج، فإذا أجازه ينفذ، ويصير تقدير المسألة كأن الزوج قال: أبنتك حرمتك على نفسي، ولهذا يحتاج إلى نية الطلاق عند قوله أجزت، وتصح نية الثلاث عند عدم نية الثلاث وتقع تطليقة بائنة لأن هذه الألفاظ من جملة الكنايات، والواقع بالكنايات بائن وتصح نية الثلاث فيها.
ولو قالت: اخترت نفسي (منك، فقال الزوج: أجزت ذلك وهو يريد الطلاق لا يقع الطلاق؛ لأنه لم يكن له) مجيزٌ حال وقوعه؛ لأن الزوج لا يملك إجازة ذلك؛ لأن ملك الإجازة يستفاد من ملك الإنشاء والزوج لا يملك إنشاء الإيقاع بهذا اللفظ فإنه لو قال: اخترتك اخترت نفسك ونوى الطلاق لا يقع لأنه نوى ما لا يحتمله لفظه ولو قالت المرأة: جعلت أمري بيدي، فقال الزوج: أجزت ذلك وهو يريد الطلاق صار أمرها بيدها؛ لأن الزوج يملك جعل أمرها بيدها بهذه اللفظة بأن يقول جعلت أمرك بيدك فكان لهذا التصرف مجيز حال وقوعه فيتوقف على إجازته وينفذ بإجازته وإن اختارت نفسها بعد ذلك في المجلس يقع الطلاق وما لا فلا، وكذلك لو قالت: جعلت الخيار إليّ فقال الزوج: أجزت ذلك وهو يريد الطلاق صار الخيار إليها.
ولو قالت: جعلت أمري بيدي واخترت نفسي فقال الزوج: أجزت ذلك صار الأمر بيدها، ولكن لا يقع الطلاق ما لم تختر نفسها بعد إجازة الزوج في مجلسها ذلك لأنها باشرت تصرفين ولأحدهما الزوج مجيز وهو جعل الأمر بيدها ولا مجيز للآخر، وهو الاختيار، فيتوقف الأمر باليد على الإجازة، ولا يتوقف الاختيار بل يبطل. فإذا أجازهما صار الأمر بيدها، فإذا اختارت نفسها بعد ذلك (٢٤٧ أ١) في مجلسها ذلك طلقت وما لا فلا.
ولو قالت: قد كنت جعلت أمس أمري بيدي واخترت نفسي، فقال الزوج: صدقت وقد أجزت ذلك الساعة وهو يريد الطلاق بيدها، ولكنها، لا تطلق إلا إذا اختارت نفسها في ذلك المجلس. ولو كانت قالت: قد كنت قلت أمس: أمري بيدي اليوم كله واخترت نفسي، فقال الزوج: صدقت وقد أجزت ذلك الساعة كان ذلك باطلاً كما لو اختارت نفسها بعد إجازة الزوج لا يقع عليها الطلاق.
والفرق: أن في المسألة الأولى ذكرا الأولى ذكر أمس لبيان وقت التفويض على سبيل التاريخ لا لتأقيت التفويض بالأمس، كقوله بعت أمس، أجزت أمس، فبقي الأمر مرسلاً غير مؤقت بالأمس، فيكون قائماً وقت الإجازة، فالإجازة لاقت تفويضاً قائماً وقت الإجازة، فعملت.