بالمستثنى منه، ولا يليق بالمستثنى؛ لأنّه إنّما يحتاج إلى الشرط فيما يقع، والذي يقع المستثنى منه دون المستثنى أو نقول: ينصرف الشرط إلى الكل، ويصير معلقاً الثلاث بالشرط مستثنياً واحدة منها.
ولو قال لها: أنت طالق ثلاثاً البتة إلا واحدة أو بائنة إلا واحدة كان طالقاً تطليقتين رجعيتين، ولا يصير قوله البتّة البائنة فاصلاً بين الاستثناء وبين الإيجاب؛ لأنّ كل واحدة منهما صفة أصلية للثلاث لا يوجد الثلاث إلا وأن يكون بتة بائنة، فصار ذكرهما ولا ذكر سواء. فكأنّه قال لها: أنت طالق ثلاثاً إلا واحدة، ولو قال لها: أنت طالق ثلاثاً إلا واحدة بائنة أو إلا واحدة البتّة طلقت تطليقتين رجعيتين أيضاً.
وذكر هشام رحمه الله في «نوادره» عن محمّد رحمه الله أن من قال لامرأته: أنت بائن إلا واحدة ونوى بالبائن الثلاث، قال: هي طلاق واحد؛ لأن نيّة الثلاث إلا واحدة نيّة الثنتين.
ومن قال لامرأته: أنت بائن ينوي ثنتين تقع واحدة، وعن أبي يوسف رحمه الله فيمن قال لامرأته: أنت طالق واحدة البتة إلا واحدة، ونوى بالبتة الثلاث يقع تطليقتان بائنتان؛ لأنّه لما نوى بالبتة الثلاث علم أنّه ما جعلها صفة للواحدة؛ لأنَّ الواحدة لا تحتمل نيّة الثلاث، فلمّا ذكر الواحدة، صار كأنّه قال: أنت طالق البتّة إلا واحدة، وقد نوى بالبتّة الثلاث، وهناك الجواب كما قلنا وإنما ألقينا الواحدة؛ لأنا لو لم نلقها يبطل الاستثناء، وهو أصل، فكان إلقاء الواحدة وهي.... أولى.
قال في «الزيادات» أيضاً: إذا قال لها أنت طالق اثنتين البتّة إلا واحدة، فهي طالق واحدة بائنة؛ لأنَّ البتة تصلح صفة للثنتين؛ لأنَّ الثنتين لا تكون بتة بنفسها، فيصح وصفهما بالبتّة، وقد استثنى واحدة منهما، فتقع واحدة بتة. وكذلك إذا قال لها: أنت ثنتين إلا واحدة البتة، فهي طالق واحدة بائنة؛ لأنَّ البتة لا تصلح صفة للمستثنى؛ لأنّه لا يصح، فيجعل صفة للمستثنى منه أو يجعل صفة للكل، وصار كأنّه قال: أنت طالق ثنتين البتة إلا واحدة، وهي المسألة المتقدمة.
ولو قال لها: أنتِ طالق ثنتين إلا واحدة بائنة أو قال إلا واحدة أمّا بائناً، فهي طالق واحدة رجعية، لأن البائن لا تصلح صفة للمستثنى منه، فإنّه لا يقال: تطليقتان بائن، وإنّما يقال: تطليقتان بائنتان، وتصلح صفة للمستثنى، فتجعل صفة للمستثنى، فيبطل ببطلان المستثنى، بخلاف قوله البتّة؛ لأنّه يصلح صفة للتطليقتين، فإنّه يستقيم أن يقال تطليقتان البتّة، قال في «الكتاب» : إلا أن ينوي أن يكون البائن صفة للثنتين، فحينئذٍ واحدة بائنة؛ لأنّه نوى ما يحتمله لفظه فالبتة قد تنعت بنعت الواحدة، قال الله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَوتِ وَالاْرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَهُمَا}(الأنبياء: ٣٠) ولم يقل كانتا رتقين، والله أعلم بالصواب.