جعل الواحدة (٢٥٥أ١) غير الثنتين فلا تقع الزيادة على الثنتين بالشّك، وهذه المسألة تؤيّد قول من يقول في قوله من واحدة إلى واحدة إنّه تقع واحدة عندهما.
وكذا روي عن أبي يوسف رحمه الله أنّه قال: إذا قال أنتِ طالق ثنتين إلى ثنتين إنّه تقع ثنتان لما قلنا إنّه مجمل يحتمل أنّه جعل الابتداء هو الغاية، كأنّه قال من ثنتين إليهما.
ولو قال أنتِ طالق واحدة في ثنتين، إن نوى واحدة وثنتين أو نوى واحدة مع ثنتين يقع الثلاث، وكذلك إذا قال أنتِ طالق واحدة في ثلاث ونوى واحدة وثلاثاً، أو نوى واحدة مع ثلاث تقع الثلاث، وكذلك إذا قال أنتِ طالق ثنتين في ثنتين، ونوى ثنتين وثنتين أو ثنتين مع ثنتين تقع الثلاث، وإن لم يكن له نيّة أو نوى الضرب والحساب، ففي قوله واحدة في ثنتين تقع واحدة، لا غير. وفي قوله واحدة في ثلاث كذلك، وفي قوله ثنتين في ثنتين تقع ثنتان لا غير.
والحاصل أنَّ الواقع في جنس هذا المعروف لا غير عند علمائنا الثلاثة رحمهم الله وهذا لأنَّ بالضرب لا يكبر الشيء في ذاته بل يكبر أجزاؤه ضرورة، فواحدة في ثنتين واحدة لها جزء وواحدة في ثلاث واحدة لها ثلاثة أجزاء، وإذا لم يكثر ذات الطلاق بقيت طلقة واحدة، فتقع طلقة واحدة لهذا.
ولو قال لها أنتِ طالق إلى الليل، أو إلى أشهر أو قال إلى سنة، فهو على ثلاثة أوجه إمّا أن ينوي الوقوع للحال ويجعل الوقت للامتداد وفي هذا الوجه يقع الطلاق للحال، وإما أن ينوي الوقوع بعد الوقت المضاف إليه، وفي هذا الوجه يقع الطلاق بعد مضي الوقت المضاف إليه إن لم يكن له نيّة أصلاً لا يقع الطلاق إلا بعد مضي الوقت المضاف إليه، عندنا، خلافاً لزفر رحمه الله، فإنّه يقول بوقوع الطلاق للحال وببطلان الغاية وقاسه على ما إذا جعل الغاية مكاناً، بأن قال لها أنتِ طالق إلى مكة أو إلى بغداد، وإن هناك تبطل الغاية ويقع الطلاق للحال كذا ها هنا.
وإنا نقول كلام العاقل لا يلغى ما أمكن العمل به، وقد أمكن العمل ها هنا بمجاز مكة إلى بغداد بحقيقتها. بيانه: وهو أنَّ كلمة إلى كما تذكر ويراد به الغاية يذكر ويراد بها بَعْد كقول الرجل في العرف والعادة أنا خارج من هذا البلد إلى عشرة أيام، ويريد به أنّه خارج بعد عشرة أيام فجعلنا مجازاً عن بَعْد فصار تقدير المسألة، كأنّه قال لها أنتِ طالق بعد شهر أو قال سنة، ولو صرّح بذلك لا يقع الطلاق إلا بعد مضيّ شهر كذا ها هنا، بخلاف قوله: إلى مكان كذا، فإنَّ هناك كما تعذر العمل بحقيقة كلمة إلى تعذر العمل بمجازها بجعلها عبارة عن بعد، لأنّه لو نصّ على البعد ثمة، فإن قال أنتِ طالق بعد مكة، أو بعد بغداد يقع الطلاق في الحال، وفي قوله بعد شهر لا يقع الطلاق في الحال، ولو قال لها أنتِ طالق إلى الصيف أو قال إلى الشتاء، فهذا وما لو قال إلى الليل أو إلى الشهر سواء، وكذلك إذا قال: إلى الربيع أو إلى الخريف.
وتكلّموا في معرفة هذه الفصول: قال بعضهم متى اتصل الحرّ على الدوام كان صيفاً، وإذا انكسر الحرّ ولم يتصل البرد كان خريفاً، وإذا اتصل البرد كان شتاءً وإذا