هي ثنتين ويملك الزوج مراجعتها؛ لأنَّ الطلاق إنّما يقع عليها بعد العتق؛ لأنَّ الزوج هكذا أوقع، فصادفها الطلاق هي حرّة والحرّة لا تحرم حرمة غليظة بتطليقتين.
ولو كان الزوج هو الذي بدأ، فقال إحداكما طالق ثنتين، ثمَّ قال المولى التي طلقها الزوج حرّة فها هنا خيار البيان إلى الزوج؛ لأنَّ الزوج صاحب أصل وإذا بين الزوج الطلاق في إحداهما عتقت وحرمت حرمة غليظة، لأنَّ الطلاق صادفها وهي أمة فتحرم حرمة غليظة، وتعتد بحيضتين.
رجل تحته أمتان لرجل قال المولى إحداكما حرّة، ثمَّ قال الزوج التي أعتقها المولى طالق ثم مات المولى قبل البيان عتق من كلِّ واحدة منهما نصفها؛ لأنَّ بيان العتق قد فات لموت المولى ويشيع العتق فيهما، ثمَّ يخير الزوج في الطلاق يوقعه على أيهما شاء وإن كان الزوج صاحب تبع؛ لأنَّ البيان في حقّ صاحب الأصل مات على وجه لا يرجى وجوده، ولا يمكن إلغاء الطلاق لصدوره من أهله في محلّه، ولا يمكن القول بشيوع الطلاق؛ لأنَّ الطلاق لا يقبل الشيوع، فمسّت (٢٥٦ب١) الضرورة إلى جعل البيان إلى الزوج.
وهذا بخلاف ما لو غاب المولى فإنَّ هناك لا يؤمر الزوج بالبيان لأن هناك لا ضرورة؛ لأنّه لم يقع اليأس عن بيان صاحب الأصل، ولا كذلك فصل الموت، ولو كان الطلاق ثنتين هل يحرم حرمة غليظة؟ لم يذكر هذا الفصل محمّد رحمه الله في «الكتاب» ، وقد اختلف المشايخ فيه، وحكى الشيخ الإمام الزاهد عبد الواحد الشيباني رحمه الله؛ أنها لا تحرم؛ لأنَّ الطلاق صادفها وهي حرّة؛ لأنَّ العتق سار فيهما لموت المولى، وغيره من المشايخ قال على قول أبي حنيفة رحمه الله ينبغي أن يحرم حرمة غليظة خلافاً لهما؛ لأنَّ العتق وإن شاع فيهما إلا أنّه عتق من كلِّ واحدة منها نصفها والعتق عند أبي حنيفة رحمه الله يتجزأ؛ فكانت كلّ واحدة منهما معتق البعض ويعتق البعض في معنى المكاتب، فصادفها الطلاق وهي كاتبة، والمكاتبة تحرم حرمة غليظة بتطليقتين.
قال محمّد رحمه الله في «الجامع» : إذا كان للرجل امرأتان دخل بهما، فقال لهما أنتما طالقان طلقت كل واحدة منهما تطليقة رجعية، فإن لم يراجع واحدة منهما حتّى (قال) لهما إحداكما طالق ثلاثاً كان له البيان، وإن لم يبين حتّى انقضت عدّة إحداهما تعيّنت الثانية للثلاث؛ لأنَّ التي انقضت عدّتها خرجت من أن تكون محلا للبيان؛ لأنَّ البيان إيقاع من وجه، وإظهار للواقع من وجه، وأيُّ الأمرين اعتبرنا يجب أن يشترط لصحّة البيان قصداً ما يشترط لصحة الإيقاع إن اعتبرناه إيقاعاً فظاهر، وإن اعتبرناه إظهاراً للواقع فلأنَّ ولاية الإظهار إنما تستفاد بولاية الإيقاع على ما عرف، والتي انقضت عدتها ليست بمحلّ للإيقاع ابتداء، فلا يكون محلاً للبيان، فتتعيّن الأخرى للثلاث، وإن انقضت عدتهما معاً لم تقع الثلاث على واحدة منها.
قالوا: أراد به أن لا تقع الثلاث على واحدة منهما بعينها، وإما يقع الثلاث على واحدة منهما لا بعينها، ثمَّ قال: وليس له أن يوقع الطلاق على واحدة منهما بعينها، قالوا