ولو قالت طلقني واحدة بألف فقال الزوج أنتِ طالق ثلاثاً بألف، وقفت على قبولها على قول أبي حنيفة رحمه الله، فإن قبلت جاز وإلا بطل، وعندهما الثلاث واحدة بألف وثنتان بغير شيء بناءً على الأصل الذي تقدم.
وحكى أبو الحسن عن أبي يوسف رحمهما الله أنه رجع إلى قول أبي حنيفة رحمه الله في هذه المسألة. ووجه الرجوع: أنَّ الزوج جعل الألف بمقابلة ثلاث تطليقات، وهذا بخلاف ما سألته بخلاف المسألة المتقدّمة.
وفي «المنتقى» : ابن سماعة عن محمّد رحمة الله عليهما: إذا قالت المرأة لزوجها: طلقني واحدة بألف، فقال لها أنتِ طالق ثلاثاً بألف فإن قبلت فهي ثلاث بألف، وإلا لم يقع شيء، قال الحاكم أبو الفضل وكان محمّد رحمهما الله، يقول: أما في هذه الصورة إنّه يقع واحدة بثلث الألف، وإن لم تقبل المرأة ولا تقع الثنتان إلا إذا قبلت فإذا قبلت وقعتا بغير شيء، وكان يقول هذا بمنزلة رجل قالت له امرأته: طلقني واحدة بألف، ففعل، ثمَّ قال لها أنتِ طالق ثنتين بألف، فلا تقعان حتّى تقبل، وإذا قبلت وقعتا لغير شيء ثمَّ رجع وقال إن قبلت المرأة ما قال الزوج وقع الثلاث بألف، وإن لم تقبل لا يقع شيء كما هو رواية ابن سماعة، فبهذه الجملة ثبت رجوع محمّد رحمه الله إلى قول أبي حنيفة رحمه الله في هذه المسألة أيضاً.
وفيه أيضاً: الحسن بن زياد عن أبي يوسف رحمة الله عليهما إذا قال لامرأته أنتِ طالق على ألف درهم إن دخلت الدّار (٢٥٨ب١) ، فالقول إليها بعد دخول الدّار تقبل ساعة تدخل.
وروى بشر عن أبي يوسف رحمهما الله إذا قال الرّجل لامرأة لا يملكها: أنتِ طالق على مائة دينار إن تزوجتك يوماً من الدّهر، فقالت قد قبلت ثمَّ تزوّجها على قول أبي حنيفة رحمه الله، لا يقع الطلاق، ولا يلزمها المال، قال: وقال أبو يوسف رحمه الله الطلاق واقع والمال لازم، ولو أنّها قالت حين تزوّجها قبلت الطلاق الذي جعلتها لي بمائة دينار، لزمها الطلاق والمال في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله.
قال أبو يوسف: ولا أحفظ في هذا رواية عن أبي حنيفة رحمه الله، والذي أحفظ عنه من الرواية رجل قال لمملوكه أنت حرٌّ بعد موتي إن شئت، أو قال: إن شئت فأنت حر بعد موتي، قال أبو حنيفة رحمه الله لا يكون مدبراً، إذ لا مشيئة للعبد حتّى يموت المولى، فإن مات المولى فإن شاء العبد فهو حرّ، وقال أبو يوسف رحمه الله إن قدّم المشيئة على العتق بأن قال إن شئت فأنت حرّ بعد موتي، فالمشيئة إليه في الحال وإن قدّم العتق على المشيئة، بأن قال: أنت حرّ إذا متُّ إن شئت أو قال: إن متُّ أو قال أنت حرّ بعد موتي إذا شئت، فله المشيئة بعد الموت.
ابن سماعة عن محمّد رحمة الله عليهما: إذا قال الرّجل لامرأته: طلقتك على ألف، فقالت: رضيت أو قالت أجزت فهو قبول، وإن قالت نعم فليس بقبول؛ لأنّ معناه سأقبل.