إذا قال لامرأته: أنتِ طالق واحدة بألف درهم، فقالت؛ قبلت هذه التطليقة طلقت واحدة بألف بلا خلاف، ولو قالت قبلت نصفها بخمسمائة كان باطلاً؛ لأنّ قبولها نصفها بخمسمائة كقبول كلّها بخمسمائة، وذلك باطل لأنّه لم يرض به.
ولو قالت المرأة لزوجها: طلقني واحدة بألف درهم، فقال الزوج: أنتِ طالق نصف تطليقة طلقت تطليقة بألف درهم، ولو قال أنتِ طالق نصف تطليقة بخمسمائة طلقت واحدة بخمسمائة؛ لأن إيقاع النصف بخمس مائة إيقاع الكلّ بخمسمائة وذلك من الزوج صحيح؛ لأنّ المرأة التمست تطليقة بألف، فتكون راضية بها بخمسمائة من طريق الأولى.
إذا قال لامرأته وقد دخل بها: أنتِ طالق السّاعة على أنّك طالق أخرى غداً بألف درهم، فقبلت وقعت واحدة للحال بنصف الألف؛ لأنّ تقدير هذه المسألة أنتِ طالق السّاعة واحدة، وغداً أخرى بألف درهم.
بيانه: أنَّ كلمة «على» وإن كانت حقيقة للشرط، لكن يقدّر العمل بالشرط ها هنا لأنَّ الطلقة الواقعة في الحال لا يمكن تعليقها بتطليقة، تقع في الغدّ فيحمل على العطف لأنّ حروف الصلات يقام بعضها مقام البعض، فصار تقدير المسألة ما قلنا من هذا الوجه، وهناك تقع واحدة للحال بألف درهم فالأصل أنَّ الزوج متى عطف إحدى التطليقتين على الأخرى، وذكر عقيبها مالاً ولم يخصّ إحداهما بوصف ما في البدل ولا بوصف يلائم البدل، فالبدل ينصرف إليهما لاستوائهما (٢٥٩أ١) وعدم الأوّليّة، ثمَّ إذا جاء غد يقع عليها تطليقة أخرى، وهل يلزمها المال؟ ينظر إن كان قد تزوّجها قبل مجيء الغد، يلزمها خمس مائة وإن لم يتزوّجها قبل مجيء الغد لا يلزمه شيء؛ لأنّ وجوب البدل يعتمد زوال الملك به، وهو نظير ما لو قال لامرأته: أنتِ طالق ثلاثاً للسنة بألف درهم يقع عليها واحدة للحال بثلث الألف إذا كان الزمان زمان السنة، ثمَّ إذا حاضت وطهرت يقع عليها أخرى، ثمَّ إذا حاضت وطهرت يقع عليها أخرى، ولا يلزمها المال بالطلاق الثاني والثالث إلا بواسطة سبق الزوج، كذا ها هنا.m
ولو قال لها أنتِ طالق الساعة واحدة أملك الرجعة على أنّك طالق غداً أخرى بألف درهم، فقبلت وقع عليها واحدة للحال بغير شيء؛ لأنّه قرن بالطلقة الأولى مانعاً في وجوب البدل به، وهو قول أملك الرجعة فإن الطلاق ببدل لا يكون رجعياً فانصرف البدل إلى الطلقة الأخرى، وهذا هو الأصل في كلّ طلاقين عطف أحدها على الآخر، وقرن بالأوّل وصف ينافي البدل، البدل ينصرف إلى الطلاق الثاني فإن جاء الغد يقع عليها تطليقة أخرى بألف درهم؛ لأنّ البدل مقابل بها وأمكن إيجاب البدل بها لزوال الملك لها لأنّ الملك لم يزل بالأولى؛ لكونها رجعيّة.
ولو قال لها: أنتِ طالق اليوم تطليقة بائنة على أنّك طالق غداً أخرى بألف درهم وقعت للحال واحدة بغير شيء؛ لأنّه قرن بالطلقة الأولى مانعاً في وجوب البدل بها وهو قوله بائنة؛ لأنّه إنّما يحتاج إلى وصف الطلاق بصريح الإبانة إذا لم يكن بمقابلته شيء،