للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال نعم فعلت، قال أبو حنيفة رحمه الله: هي طالق السّاعة بغير شيء، وقال أبو يوسف رحمه الله: لا يقع الطلاق ما لم تقبل الصغيرة، فإذا قبلت وقع الطلاق فلا يلزمها المال.

وذكر ابن سماعة عن أبي يوسف رحمة الله عليهما أيضاً: رجل جعل لرجل ألف درهم على طلاق امرأته، فقبل وطلّق فالطلاق بائن والذي جعل الألف ضامن للألف وهي عليه للزوج، ولو كان له دين على الزوج فقال له أنت بريء على أن تطلق امرأتك، فقبل وفعل فالطلاق جائز وهو بريء من المال.

قال: ولو كانت هاتين المسألتين في العتاق، فالعتق جائز والبراءة من الدّين جائزة، والجعل الذي جعل له باطل؛ لأنّه لو لزمه لزمه بغير عوض؛ لأنَّ العتاق من المولى، فالعتق لا يكون له، والمال لا يجب على الإنسان من غير عوض بقضيّة الأصل بخلاف البراءة؛ لأنَّ البراءة تجوز بغير عوض.

وروى بشر عن أبي يوسف رحمهما الله: إذا أمر الرجل رجلاً أن يطلّق امرأتيه بألف درهم، وطلّق إحداهما بألف أو بأقلّ إلا أنّه إذا قسم الألف على مهرها كان ذلك حصتها، فهو جائز.

وروى أبو سليمان عن أبي يوسف رحمهما الله: إذا قال الرجل لغيره طلّق إمرأتي بما شئت أو قال بما رأيت، أو قال على كم شئت أو قال على كم رأيت، فهو على المجلس وغيره، قال: لأنَّ المشيئة في الجعل ليس في الطلاق.

وفي «الأصل» : إذا قال الرجل لامرأته طلقتك أمس بألف درهم، فلم تقبل فقالت المرأة لا بل قبلت فالقول قول الزوج.

فرق بين هذا وبينما إذا قال لغيره بعتك أمس بكذا فلم يقبل، وقال الآخر لا بل قبلت، فالقول قول المشتري، وكذلك إذا قال (٢٥٩ب١) لغيره أجرت منك أمس كذا بكذا فلم تقبل، فقال الآخر لا بل قبلت، والقول قول المتأخّر. والفرق أنَّ البيع معاوضة، والمعاوضة لا تتم إلا بالإيجاب والقبول فإذا أقر بالبيع والإتمام له لا بالقبول صار مقراً بالقبول دلالة راجعاً عنه بقوله، فلم تقبل، فلا يقبل ذلك منه، فأمّا الطلاق على مال كما هو معاوضة فهو تعليق أيضاً، والمعاوضة إن كانت لا تبنى إلا بالقبول فالتعليق بني بدون القبول، فبإقراره بالطلاق على المال إن صار مقراً بالقبول من حيث إنّه معاوضة لا يصير مقراً بالقبول من حيث إنّه تعليق، فلا يثبت الإقرار بالقبول بالشك بقيّت المرأة مدّعية والزوج منكر دعواها، فيكون القول قول الزوج.

وعلى هذا إذا قال لها قد كنت بعتك طلاقك أمس بألف، ولم تقبلني، وقالت المرأة لا بل قبلت فالقول قولها.

ولو قال: طلقتها ثلاثاً بألف درهم فقالت المرأة هذا منك إقرار ماض، وقد كنت قبلته منك، وقال الزوج كان هذا مني إقراراً مستقبلاً حين تكلمت فلم تقبلي، فالقول قول الزوج وإن أقاما البيّنة أخذت بيّنة المرأة، ذكره في «المنتقى» .

وفي «البقالي» : أنتِ طالق غداً على عبدك هذا، فقبلت وباعت العبد ثم جاء الغد

<<  <  ج: ص:  >  >>