للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشيء، وإن كان المهر غير مقبوض فالمرأة تسلّم إلى الزوج بدل الخلع، ولا ترجع على الزوج بشيء من المهر عند أبي حنيفة رحمه الله طلاقاً لهما على الأصل الذي قلنا، وأمّا إذا كانت المرأة غير مدخول بها والمهر مقبوض فإن الزوج يأخذ منها بدل الخلع، ولا يرجع عليها بنصف المهر بسبب الطلاق قبل الدخول عند أبي حنيفة رحمه الله، وبهذا الفصل تبيّن أنَّ ما ذكر من جواب الاستحسان فيما إذا خالعها على مهرها والمرأة غير مدخول بها والمهر مقبوض قول أبي يوسف ومحمّد رحمهما الله، وإن لم يكن المهر مقبوضاً يأخذ الزوج منها بدل الخلع، وهي لا ترجع على زوجها بنصف المهر عند أبي حنيفة خلافاً لهما.

وأمّا إذا بارأها بمال معلوم سوى المهر فالجواب فيه عند محمّد كالجواب في الخلع عنده، وعند أبي حنيفة وأبي يوسف الجواب فيه كالجواب في الخلع عند أبي حنيفة.

وأمّا نفقة العدّة ومؤنة السكنى إن شرط ذلك في الخلع فالمبارأة تقع البراءة عليهما للزوج بلا خلاف، وإن لم يشترط ذلك في الخلع فالمبارأة لا تقع للمرأة بالإجماع، أمّا على قولهما فلا مشكل، وأمّا على قول أبي حنيفة فلأنَّ الخلع عنده إنّما يوجب البراءة عن حقوق قائمة وقت الخلع ونفقة العدّة تجب شيئاً فشيئاً، والخلع لا يمنع ثبوت حقّ بعده، وإن شرطا البراءة عن السكنى في الخلع لا يصح؛ لأنَّ السكنى في بيت العدّة حقّ الله تعالى وإسقاطها لا يعمل في حقّ الله.

وأمّا نفقة الولد وهي مؤنة الرضاع فلا تقع البراءة عنها إن لم يشترط ذلك في الخلع والمبارأة بالإجماع، وإن شرطا إن وقتا لذلك وقتاً بأن قال: إلى سنة، أو ما أشبه ذلك جاز، وإن لم يوقتا لا يجوز ولا تقع البراءة عنها، وأمّا دين آخر سوى المهر فلا تقع البراءة عنها في الخلع، والمبارأة بدون الشرط في «ظاهر الرواية» عن أبي حنيفة رحمه الله، وفي رواية الحسن عنه تقع البراءة عنه بدون الشرط.

وإذ قالت: «خويشتن خيدم بهر حقي كي مرا بد توايت» لا تقع البراءة عن نفقة العدّة؛ لأنَّ نفقة العدّة ليست لها عليها في الحال، وأمّا إذا طلقها بمال آخر سوى المهر فالجواب فيه عندهما كالجواب في الخلع، وأما عند أبي حنيفة رحمه الله فقد روى الحسن عنه أن كل واحد منهما يبرأ عن حقوق النكاح، وبه أخذ الفقيه أبو بكر البلخي رحمه الله. وفي «ظاهر الرواية» عنه لا يبرأ، وبه أخذ عامّة المشايخ. وأمّا إذا كان العقد بلفظة البيع بالعربية، أو الفارسيّة فعلى قولهما الجواب فيه كالجواب في الخلع.

وأمّا عند أبي حنيفة رحمه الله فقد اختلفت المشايخ فيه، وإذا خالعها بما لها عليه من المهر وقع الطلاق، ظنّاً منه أنَّ لها عليه بقيّة المهر ثمَّ علم أنه لم يبق لها عليه من المهر وقع الطلاق على مهرها، فيجب عليها أن ترد المهر؛ لأنّه طلّقها بطمعٍ خالصٍ عليه، فلا يقع الخلع مجاناً.

ونظير هذا ما لو خالعها على عبدك الذي لك عبدي أو على متاعك الذي في يدي

<<  <  ج: ص:  >  >>