كلّما شئت فهو إذن لها في كلِّ مرّة، ولو قال لها: أذنت لك عشرة أيّام، كان لها أن تخرج في العشرة ما شاءت، ولو عصبت وتهيّأت للخروج فقال الزوج: دعوها تخرج ولا نيّة له لم يكن إذناً إلا إذا نوى الإذن، ولو قال لها في غضبه: اُخرجي ولا نيّة له كان على الإذن، إلا إذا نوى اخرجي حتّى تطلق؛ لأنَّ الأمر قد يقصد به التهديد وقد نوى ما يحتمله لفظه، وفيه تشديد عليه.
ولو حلف على امرأته بطلاقها أن لا تخرج من الدّار إلا بإذنه، أو حَلّف السلطان رجلاً بطلاق امرأته أن لا يخرج من البلدة إلا بإذنه، أو حَلَّف صاحب الدّين مديونه أن لا يخرج من البلدة إلا بإذنه فاليمين.... بحال قيام الزوجيّة والسلطنة والدّين، فإن بانت المرأة، وعزل السلطان، وسقط الدّين يسقط اليمين ثمَّ لا يعود أبداً وإن عادت الولاية للسلطان والزوج وعاد الدّين.
وفي «المنتقى» : عن أبي يوسف: سلطان حَلَّف رجلاً لا تدخل من هذا المسجد إلا بإذنه، ثمَّ عُزِل السلطان فقد سقط اليمين، وإن مات فاليمين على حالها. رجل خرج مع الوالي فحلف أن لا يرجع إلا بإذنه وقد سقط منه شيء فرجع كذلك لا تطلق؛ لأنَّ هذا الرجوع لا يراد باليمين عرفاً. وعن أبي يوسف فيمن حلف الطلاق على امرأته أن لا تخرج من بغداد إلا بإذنه، فقال الرجل: لم آذن لك، فادّعت المرأة الإذن فالقول قول الزوج، ولو قال لامرأته: أنتِ طالق إن خرجت من هذه الدّار إلا بإذن فلان، فمات فلان قبل الإذن بطلت اليمين في قول أبي حنيفة رحمه الله ومحمّد خلافاً لأبي يوسف. والأصل عندهما: أنَّ اليمين إذا انعقدت على فعل في المستقبل ومات المعقود عليه أنّ اليمين تبطل، وعند أبي يوسف لا تبطل. وسيأتي الكلام فيه في كتاب الأيمان إن شاء الله.
وفي «الفتاوى» : إذا قال إن خرجتِ من هذه الدّار بغير إذني فأنتِ طالق، فقالت المرأة للزوج تريد أن أخرج حتّى أصير مطلقة، فقال الزوج: نعم، فخرجت تطلق؛ لأنَّ هذا تهديد وليس بإذن.
نوع آخر في ذكر مسائل الشرط بكلمة إن
ذكر شيخ الإسلام في شرح كتاب «الحيّل» : إذا وهب الرجل لرجل مالاً، ثمَّ إنّ الواهب قال للموهوب له: امرأتي طالق إن أنفقت هذا المال الذي وهبت لك إلا على أهلك، ثمَّ إنَّ الموهوب له أنفق بعض الهبة على أهله وقضى بالباقي ديناً عليه أو حجّ لا تطلق امرأة الواهب. علّل فقال: شرط برِّه إنفاق جميع الهبة على أهله، فيكون شرط حنثه ضدّ ذلك وهو إنفاق جميع الهبة على غير أهله، ولم يوجد ذلك ها هنا. قال: وهو نظير ما لو حلف لا يأخذ ماله على فلان إلا الجميع، فأخذ البعض دون البعض لا يحنث؛ لأنَّ شرط برّه أخذ جميع الدّين جملة، فيكون شرط حنثه ضدّه، وهو أخذ جميع الدّين