به نفي كلّ واحد منهما، وكان الشيخ الإمام الجليل أبو بكر محمّد بن الفضل رحمه الله يقول: ينوي الزوج، فإن لم يكن له نيّة فالجواب كما قال في «الكتاب» : إذا قال: «رن آوى بطلاق آكر سيكي خورد ومقامري كندو كبو تردارد» ، حكي عن الشيخ الإمام الجليل أبي بكر محمّد بن الفضل رحمه الله أنّه قال: كلُّ واحد من هذه الأشياء شرط على حدة، وغيره من المشايخ قالوا: الكلّ شرط واحد، ولو قال:«سيكي ني خورد ومقامري بكند وكبوتر ني دارد» ، فكلُّ واحد شرط على حدة بلا خلاف.
إذا علّق الطلاق بعدم الفعل في مجلس في وقت معيّن بأن (٢٧٥أ١) قال: إن لم أدخل هاتين الدّارين اليوم، أو قال: إن لم أضرب فلاناً سوطين اليوم، فدخل إحدى الدارين دون الأخرى، أو ضرب أحد السوطين اليوم، ومضى اليوم حنث في يمينه؛ لأنّ شرط برّه دخول الدارين وضرب السوطين ولم يوجد، وفات شرط البرّ، وعند فوات شرط البرّ يتعين الحنث.
وكذلك إذا قال: إن لم أكلّم فلاناً وفلاناً اليوم فامرأته طالق، فكلّم أحدهما ولم يكلّم الآخر حتّى مضى اليوم طلقت امرأته. وصار الأصل أنَّ اليمين متى عقدت على عدم الفعل في مجلس ينظر فيها إلى شرط، وعند فوات شرط البرّ يتعيّن الحنث في أيمان «الجامع» في باب الأيمان، مما يوجب الرجل على نفسه.
وفي «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: فيمن قال لامرأته: إن لم أدخل الليلة المدينة ولم ألق فلاناً فأنتِ طالق، فدخل فلم يصادفه في منزله ولم يلقه حتى أصبح، قال: إن كان حين حلف كان عالماً أنّه غائب عن منزله يحنث، وإن كان لا يعلم بغيبته لا يحنث في قول أبي حنيفة رحمه الله ومحمّد رحمه الله خلافاً لأبي يوسف رحمه الله. وهو نظير ما لو حلف ليقتلن فلان وفلان ميّت.
وعلى قياس المسألة المتقدمة ينبغي أن تطلق على كلّ حال وينظر إلى شرط البرّ، وشرط البرّ شيئان: دخول المدينة ورؤية فلان ولم يوجد رؤية فلان، وإن شرط البرّ فيتعيّن الحنث. يبنى على أصل أنَّ المعرّف من كلّ وجه لا يدخل تحت اسم النكرة، وهو قول أحد وما أشبهه، والمعرّف من وجه يدخل اسم النكرة، والمعرّف من كلّ وجه ما لا يشاركه غيره وفي ذلك كالمشار إليه، وكالمضاف بالكناية والمشار إليه، نحو قولك: هذه الدّار وهذا العبد، فإنّه لا يدخل تحت قوله: هذه الدّار وهذا العبد غير المشار إليه، والمضاف بالكناية نحو قولك: داري وعبدي، فإنّه لا يدخل تحت قوله: داري وعبدي دار غيره وعبد غيره، فأمّا المعرّف بالاسم نحو قولك: محمّد بن عبد الله، والمضاف إلى الاسم نحو قولك: دار محمّد بن عبد الله يدخل تحت اسم النكرة؛ لأنّه معرّف من وجه؛ لأنَّ التعريف بالاسم والإضافة إلى الاسم لا يقطع الشركة من كلِّ وجه؛ لأنَّ المسمّى بمحمّد بن عبد الله كثير، ولهذا يحسن الاستفهام فيقال: من محمّد بن عبد الله، فيحتاج إلى زيادة تعريف، فيبقى فيه نوع تنكير إن صار معرّفاً من وجه بالاسم من حيث أنَّ الأسامي في الأصل وضعت للتعريف، فمن حيث أنّه معرفة إن كان يخرج عن اسم النكرة