للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوّل لو كان أحد الفريقين شهد أوّلاً، وقضى القاضي بشهادتهم، ثمَّ شهد الفريق الآخر فالقاضي لا يقضي بشهادة الفريق الثاني، ولا يبطل قضاؤه بشهادة الفريق الأوّل؛ لأنّ في هذا الوجه بعد قضاء القاضي من حيث الظاهر وقع الشكّ في بطلان شهادة الفريق الثاني، إن كانوا صَدَقَةً يبطل، وإن كانوا كَذَبَةً لا يبطل، فلا يبطل القضاء بالشك، وفي الوجه الأوّل وقع الشك في جواز القضاء.

ونظير هذه المسألة ما لو قال لامرأتين له: أيتكما أكلت هذه الرغيف فهي طالق، فجاءت كلُّ امرأة بالبينة أنّها هي التي أكلته لا تقبل شهادتهما؛ لأنّ القاضي تيقن بكذب إحدى البينتين؛ لأنّ الشرط أكل كل الرغيف، واستحال أن تكون كلّ واحدة منهما أكلت كلّ الرغيف، وإن جاءت إحدى البينتين قبل الأخرى وقضى القاضي بها، ثمَّ جاءت الأخرى فالقاضي لا يلتفت إليها وطريقة ما قلنا.

وفي «نوادر هشام» عن محمّد بن الحسن رحمه الله: في رجل ادعت عليه امرأته أنه طلّقها ثلاثاً وهو يجحد، ثمَّ مات الزوج، فجاءت المرأة تطلب الميراث، قال: إن صدّقته المرأة قبل أن يموت وقالت: صدقت، لم تطلقني وَرِثته، وإن لم ترجع إلى تصديقه حتّى مات لم ترثه.H

مرت امرأة بين يدي رجل، فقال الرجل: هي طالق، وسمع ذلك قوم ثمَّ رأوها معه بعد ذلك، فقال: هذه امرأتي فشهدوا عليه أنّه طلّقها، فقال الزوج: طلقتها أمس وهي ليست لي بامرأة وتزوّجتها اليوم، وقال القوم: طلّقها أمس ولا ندري أكانت امرأته أم لا لا تطلق حتىّ يشهدوا عليه أنّه طلقها وهي امرأته.

ابن سماعة في «نوادره» عن محمّد رحمه الله في رجل شهد عليه شاهد أنّه طلّق امرأته واحدة بائنة، وشهد آخر عليه أنّه طلّقها ثلاثاً فهي واحدة يملك الرجعة.

وفي «المنتقى» : روي عن محمّد في رجل قال: امرأته طالق ثلاثاً إن كان دخل الدار اليوم، فشهد شاهدان أنّه دخل، فقال: امرأته طالق، فإن قال الزوج: عبده حرٌّ إن كانا رأياني دخلت الدّار، معناه: إن كان الشاهدان رأياني لا يحكم بعتق العبد بقولهما، حتّى شهد شاهدان غير الأولين أنّ الأولين رأياه قد دخل، وكذلك لو كان الزوج قال: عبدي حرٌّ إن لم يكونا شهدا علي الزور لا يحكم بعتق عبده؛ لأنه يمكن للذي حلف أن يقول: إنَّ الشاهدين لم يرياني قد دخلت وقد شهدوا بزور.

بشر عن أبي يوسف رحمه الله: شاهدان شهدا على رجل أنّه طلّق امرأته وشهد آخران في ذلك أنّه قال: إن دخلت الدّار، والمجلس واحد والكلام واحد، فإني أجد ببيّنة الثبات، ولو لم تدع المرأة ذلك فرقت بينهما؛ لأنّهما شهدا بالتحريم.

داود بن رسرد عن محمّد رحمه الله: شهد شاهدان على رجل أنّه طلّقها واحدة

<<  <  ج: ص:  >  >>