للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسكيناً، فإنّه لا يكون مولياً سواء كان مظاهراً أو لم يكن.

وروى بشر عنه في هذه المسألة أنّه إن كان مظاهراً فهو مولى ولو قال لها: إن قربتك، فكلّ مملوك أملكه فيما استقبل فهو حرٌّ أو قال: كلُّ امرأة أتزوجها فهي طالق، فهو مولى في قول أبي حنيفة رحمه الله ومحمّد، وقال أبو يوسف رحمهما الله: لا يكون مولياً؛ لأنّه لا يلزم بالقربان شيء وبعد القربان يمكنه دفع الطلاق والعتاق عن نفسه، بأن لا يتملك مملوكاً، ولا يتزوّج امرأة.

وجه قولهما: أنّه يلزمه اليمين بالقربان فيصير مولياً كما لو قال لها: إن قربتك، فهذا العبد حرّ إن دخل الدّار، وهذا لأنّ لزوم اليمين يصلح مانعاً عن القربان؛ لأنّه يلزمه الامتناع عن تحصيل الشرط خوفاً عن نزول الجزاء.

وروى هشام عن محمّد رحمهما الله: إذا قال لها: إن قربتك، فإن اشتريت، فهو حرّ قال ذلك لعبد بعينه فهو ليس بمولى، قال: وليس هذا كعموم قوله: وكلّ مملوك اشتريته فهو حرّ، وكذلك على هذا إذا قال لها: إن قربتك ففلانة طالق، إن تزوجها لم يكن مولياً من امرأته بخلاف ما إذا أعلم فقال: فكل امرأة أتزوجها، فهي طالق رواه ابن سماعة عن محمّد رحمه الله وكذلك قال أبو حنيفة رحمه الله.

وروى هشام عن محمّد رحمه الله إذا قال لها: إن قربتك فعليّ صوم شهر كذا بأن قال مثلاً، فعليّ صوم شهر رجب أو قال فعليّ أن أحج العام، فإن كان رجب يمضي قبل الأربعة الأشهر أو كان الحج في العام يمضي قبل الأربعة الأشهر، فليس بمولى لأنّه يمكنه القربان في المدّة، وذلك بعد رجب والحج من غير شيء يلزمه فإن مضى الوقت المضاف إليه النذر يبطل النذر، وإن كان لا يمضي إلا بعد الأربعة الأشهر، فهو مولى؛ لأنّه لا يمكنه القربان من غير شيء يلزمه.

وروى هشام عن محمّد رحمه الله أيضاً: إذا قال لها: إن قربتك فعليّ أن أعتق هذا العبد غداً، فهو مولى، وقوله غداً فضل وعليه أن يعتقه إن قربها وهو بمنزلة (٢٨٤أ١) . قوله: إن قربتك فعليّ أن أعتق عبدي هذا الأمس، فقوله: أمسِ فضل، وعليه أن يعتقه إن قربها. ولو قال لها: إن قربتك فأنت عليّ حرام، ينوي به الطلاق فهو مولي؛ لأنه لا يمكنه القربان إلا بطلاق يلزمه، وإن نوى اليمين فهو مولي أيضاً في قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما: الله لا يكون مولياً حتى يقربها؛ لأن قوله: أنت عليّ حرام عند إرادة اليمين يمين، فصار الإيلاء معلقاً بالقربان، فكأنه قال لها: إن قربتك، وقوله: فوالله لا أقربك، وعداً لها يصير مولياً فهاهنا للحال كذا هاهنا.

ولأبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يمكنه القربان إلا بشيء يلزمه، وهذا هو حد المولي كان القياس في قوله: إن قربتك فوالله لا أقربك أن يصير مولياً للحال، لكن تركنا القياس في هذه الصورة؛ لأنه علّق الإيلاء بالقربان لفظاً ومعنى ولو صار مولياً للحال تفوت فائدة التعليق من كل وجه.

وقوله: أنت عليّ حرام، ليس يمين لفظاً ولو كان يميناً كان يميناً معنى، فلو صار

<<  <  ج: ص:  >  >>