ولو قال: هكذا، كان الجواب على نحو ما ذكرنا، فجعل هذا الإيلاء خاصاً في حق الكفارة والطلاق جميعاً. وفرق بين هذه المسألة وبين مسألة ذكرها بعد هذه المسألة، وهذا ما إذا قال لامرأتين له: والله لا أقرب واحدة منكما، فقرب واحدة منهما تلزمه الكفارة. ولو لم يقربها حتى مضت أربعة أشهر بانتا، وجعل الإيلاء خاصاً في حق الكفّارة عاماً في حق الطلاق.
وذكر القدوري في «شرحه» هاتين المسألتين، وذكر في قوله: والله (لا) أقرب واحدة منكما، خلاف بين أبي يوسف ومحمد رحمهما الله. وقال: على قول محمد رحمه الله: يصير مولياً من واحدة منهما في حق الكفارة والطلاق حتى قال: لو لم يقربها حتى مضت أربعة أشهر بانت إحداهما والبيان إليه والقياس (أن) تبين بها.
ذكر القدوري رحمه الله أن ما ذكر في «الجامع» قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، وأنه استحساناً، وإن كان ما ذكر في «الجامع» قول الكل كان لمحمد رحمه الله قولان في المسألة.
ثم الفرق على جواب الاستحسان في المسألتين: أن قوله واحد إن كانت خاصة لفظاً فهو عام معنى؛ لأنها نكرة في محل النفي والنكرة في موضع النفي تَعُمُّ، فاعتبرنا معنى العموم في حق الطلاق.
ومعنى الخصوص في حق الكفارة، وإنما أظهرنا معنى العموم في حق الطلاق؛ لأن حكم الطلاق أعم من حكم الكفارة، ألا ترى أنه لو قال لها: والله لا أقربك، وبانت بمضي أربعة أشهر وتزوجها ومضت أربعة أشهر بانت بتطليقة أخرى. وكذا في الكرة الثالثة، ولو قربها في النكاح الأول حتى حنث ولزمته الكفارة لو قربها مرة أخرى لا تلزمه كفارة أخرى، فعلم أن حكم الطلاق أعم. فأظهرنا معنى العموم في حق الطلاق لهذا.
ثم في المسألة الأولى هو ما إذا قال: والله لا أقرب إحداكما حتى صار مولياً من إحدهما لو أراد أن يعتبر الإيلاء؛ لأن الإيلاء في إحدهما قبل مضي أربعة أشهر لا يقدر عليه؛ لأن فيه يعتبر الإيلاء؛ لأن الإيلاء انعقد على واحدة بغير عينها في حكم الحنث والبرّ جميعاً، وهو يرى أن يجعله منعقد على المعينة في الحكمين جميعاً ولكن إذا مضت المدة ووقع الطلاق على إحداهما يجبر على البيان، هكذا ذكر المسألة في «الجامع» .
وذكر في «المنتقى» هذه المسألة في موضعين، وذكر في أحد الموضعين خلافاً بين أبي يوسف ومحمد رحمهما الله فقال: إذا وقع الطلاق على إحديهما تعليقاً مضت أربعة أشهر، ثم مضت أربعة أشهر أخرى بانت الأخرى في قول محمد رحمه الله. وفي قول أبي يوسف رحمه الله: لا تبين الأخرى، وفي الموضع الآخر قول أبي يوسف رحمه الله، أو يكون في المسألة عن محمد رحمه الله روايتان.
وفي «المنتقى» إذا قال لامرأته: إن قربتك فعبدي هذا حر، فمكث أربعة أشهر ولم يقربها فرافقته إلى القاضي، فأقرّ أن هذا العبد عبده وأنه قال لها: إن قربتك فعبدي هذا حرّ، وإنه قد مضى أربعة أشهر من غير قربان ففرق القاضي بينهما، الإيلاء وجعلها طلاقاً