فكانت العبرة لحال وجود الشرط من هذا الوجه، والمعتبر في اعتبار الفيء باللسان: هو العجز الحقيقي دون العجز الحكمي.
وفسّر العجز الحقيقي فقال: أن يكون الزوج مريضاً لا يستطيع جماعها، أو كانت مريضة أو صغيرة لا يستطيع جماعها، أو كانت غائبة وبينهما مسافة لا يقدر على قطعها في مدة الإيلاء.
هكذا ذكر في «الجامع» ، ذكر في «القدوري» على هذا فقال: أو تكون مباشرة صحيحة في مكان لا يعرفه، أو تكون المرأة رتقاء فالفيء في جميع ذلك بالقول، وذلك بأن يقول:..... إليها أو راجعتها أو ما أشبه ذلك من الألفاظ الدالة على الرجوع عما عزم عليه.
وفسّر العجز الحكمي فقال: أن يكون أحدهما محرماً، ولو كان الزوج..... فهو ملحق بالعجز الحكمي على رواية:«الجامع» حتى لا يعتبر فيه باللسان، وعلى رواية «القدوري» : هو ملحق بالعجز الحقيقي حتى يعتبر فيه باللسان إذا كان لا يقدر أن يدخلها عليه.
ثم إنما يعتبر الفيء باللسان في حق المريض حال قيام الزوجية لا بعد البينونة، حتى إن المريض إذا لامس المرأة ومضت أربعة أشهر ولم يفء إليها حتى بانت منه بتطليقة ثم فاء إليها بلسانه، بعد ذلك لا يبطل الإيلاء، حتى لو تزوجها وهو مريض على حالة ثم مضت أربعة أشهر ولم يفء إليها بانت بتطليقة أخرى.
أما الفيء بالجماع: كما يعتبر حال قيام الزوجية يعتبر بعد البينونة حتى إن الصحيح إذا لامس امرأته ومضت أربعة أشهر وبانت منه بتطليقة ثم جامعها بعد ذلك يبطل الإيلاء، حتى لو تزوجها بعد ذلك ومضت أربعة أشهر أخرى من غير جماع لا يقع عليها طلاق آخر وإنما افترقا؛ لأن الفيء باللسان شرع لاستدامة الملك؛ لأن الملك صار على شرف الزوال بمضي مدة الإيلاء إذا لم يوجد الفيء، والشرع شرع الفيء باللسان لاستدامة الملك، أما ما شرع لإبطال اليمين؛ لأن بطلان اليمين حكم الحنث، والحنث بالجماع وبالفيء باللسان.
وإذا كان الفيء باللسان مشروعاً لاستدامة الملك، فإنما يصح في حال بقاء الملك، وأما بعد البينونة ليس حال بقاء الملك، وأما الفيء بالجماع كما شرع لاستدامة الملك شرع لإبطال اليمين؛ لأن الجماع شرط حنث في الإيلاء وبالحنث يبطل اليمين، وبعد البينونة إن تعذر شرعه وتصحيحه استدامة الملك.... تصحيحاً إبطالاً لليمين فصححناه والله أعلم.