والحرة المسلمة لا تخرج لا بإذن الزوج ولا بغير إذنه، لأن العدة على الحرة المسلمة كما وجبت حقاً للزوج وجبت حقاً لله تعالى، وحق الله تعالى لا يسقط بإذن الزوج، والعدة على الذمية وجبت حقاً للزوج لا غير فجاز أن يسقط بإذن الزوج، وإن أسلمت في العدة لزمها فيما بقي من العدة ما يلزم الحرة المسلمة.
وأما الصبية فإن كان الطلاق رجعياً فلها أن تخرج بإذن الزوج، وليس لها أن تخرج بغير إذنه كما قبل الطلاق، وإن كان الطلاق بائناً فلها أن تخرج بإذن الزوج وبغير إذنه إلا إذا كانت مراهقة فحينئذٍ لا تخرج بغير إذن الزوج كذا اختاره المشايخ.
والمولى إذا أعتق أم الولد فلها أن تخرج؛ لأن هذه العدة إنما وجبت لزوال الفراش لا لزوال النكاح، وحرمة الخروج تختص بعدة تجب بزوال النكاح.
والمجوسية إذا أسلم زوجها، فلا سكنى لها ولا نفقة إلا أن يحتاج الزوج إلى حفظ مائِهِ فيحبسها لصيانة مائِهِ.
وعن أبي يوسف رحمه الله في النصراني إذا طلق النصرانية أن لها النفقة ولا سكنى لها؛ لأن من أصله أن العدة تجب على الذمي لحق الذمي إلا أن السكنى لا تلزمها؛ لأن السكنى حق الله تعالى وحق الزوج، وهي غير مخاطبة بحقوق الله تعالى، وحق الزوج لا يجب إلا بطلبه. بخلاف النفقة؛ لأن ذلك حقها على الزوج، فلا يتوقف على طلب الزوج.
وإذا قبلت المرأة ابن زوجها فلا نفقة لها، ولها السكنى، وإذا اختارت المعتقة نفسها، أو امرأة العنين الفرقة فلها السكنى والنفقة، أما وجوب السكنى في هذه المسائل؛ لأن في السكنى حق الشرع، وحق الشرع لا يسقط بصنعها.
وأما الفرق بين مسألة التقبيل وبين مسألة العنين والمعتقة مع أن الفرقة كانت من قبلها في المسائل كلها؛ لأن في التقبيل الفرقة بغير حق، وفي اختيار امرأة العنين والمعتقة نفسها الفرقة بحق.
نوع آخر في الحداد
المتوفى عنها زوجها يلزمها الحداد في عدتها، ويعتبر الحداد الاجتناب عن الطيب والدهن والكحل ولبس المطيب والمعصفر وما صبع بزعفران، ولبس القصب والخز ولبس الحلي والتزين والامتشاط.
وكذلك المبتوتة يلزمها الحداد في عدتها؛ لأن وجوب الحداد على المتوفى عنها زوجها؛ لإظهار التأسف على فوات نعمة النكاح لما فيها من قضاء الشهوة، وحصول الصيانة، وورود النفقة عليها، وهذا المعنى يقتضي وجوب الحداد على المبتوتة، وإنما يلزمها الاجتناب عن هذه الأشياء حالة الاختيار أما في حالة الاضطرار فلا بأس بها بأن اشتكت رأسها أو عينها فصبت عليه الدهن، أو أكتحلت لأجل المعالجة فلا بأس ولكن لا تقصد به الزينة، وكذلك إن اعتادت الدهن، فخافت وجعاً يحل بها لو لم تفعل فلا