الطلاق متصل بالأولى ولم يعطف الثانية على الأولى ليثبت الاتصال بالثانية بحكم العطف، ولو قال: هذه هذه طالق طلقت الأخرى لا غير، ولو قال ذلك لامرأته واحدة لا يقع إلا واحدة في الوجهين هكذا ذكر في «النوازل» ، وذكر في «المنتقى» : إذا قال: هذه طالق هذه لامرأته أخرى طلقتا، وكذلك لو قال: وهذه أو فهذه.
وفي «العيون» : إذا قال لامرأته: أنت طالق أنت أو قال: أنت طالق وأنت يقع واحدة؛ لأن هذا يحتمل التكرار كقوله: أنت؛ لأنه كما يقال: أنت أنت، يقال: أنت وأنت ولو قال ذلك لامرأة أخرى يقع على كل حال واحدة تطليقة؛ لأن هذا لا يحتمل التكرار فيكون إيقاع طلاق آخر.
وعن محمد رحمه الله فيما إذا قال لامرأة واحدة: فأنت طالق وأنت له، أنه يقع تطليقتان، وما ذكر في «العيون» فيما إذا قال لامرأته: أنت طالق أنت لامرأته أخرى أنه يقع على كل واحدة تطليقة يوافق ما ذكر في «المنتقى» في قوله: هذه طالق هذه لامرأته أخرى، ويخالف ما ذكر في «النوازل» .
وذكر في «فتاوى أهل السمرقند» رحمهم الله: في رجل حكى عتق رجل فلما بلغ إلى ذكر الطلاق خطر بباله امرأته إن نوى عند ذكر الطلاق عدم الحكاية واستيفاء الطلاق وكان الكلام موصوفاً موصولاً بحيث يصلح للإيقاع على امرأته طلقت امرأته، وإن لم ينو ذلك لا تطلق امرأته، وهو محمول على الحكاية، وحكي عن القاضي الإمام شمس الإسلام محمود الأوزجندي رحمه الله في رجل يذكر مسائل الطلاق بين يدي امرأته ويقول: أنت طالق، وهو لا ينوي بذلك طلاق امرأته لا تطلق امرأته.
قيل لرجل: ألست طلقت امرأتك؟ قال: بلى، تطلق؛ لأن «بلى» جواب الاستفهام بالإثبات فكأنه قال: طلقت امرأتي، ولو قال: نعم، لا تطلق امرأته؛ لأن «نعم» جواب الاستفهام بالنفي، فكأنه قال: ما طلقت امرأتي، والدليل عليه قوله تعالى:{أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ} ؟ {قَالُواْ}{بَلَى}(الأعراف: ١٧٢)(٢٩١ب١) وكانت بلى للإثبات، ومن قرأ في صلاة نعم تفسد صلاته.
صاحب برسام طلق امرأته فلم تصح قال: طلقت امرأتي ثم قال بعد ذلك: إنما قلت ذلك لأني توهمت أن الطلاق وقع بأن كان إقراره في غير حال مذاكرة الطلاق الذي كان منه في حال برسامه لا يصدق؛ لأنه صحيح عاقل أقر بالطلاق مرسلاً فيؤاخذ بإقراره، وإن كان في حال مذاكرة الطلاق يصدق؛ لأن مذاكرة ذكر الطلاق. يدل على إرادة ذلك الطلاق إذا قال لامرأته: اكر ترا بذني كنم ترايك طلاق ودو طلاق فتزوجها يقع واحدة على قياس قول أبي حنيفة رحمه الله، وإن أخر الشرط تقع الثلاث. أصل المسألة ما ذكرها محمد رحمه الله في باب الطلاق: إذا قال لامرأته: إن تزوجتك فأنت طالق وطالق وطالق فتزوجها وقعت واحدة عند أبي حنيفة رحمه الله، ولو أخر الشرط تقع الثلاث.