قال في «الجامع الصغير» أيضاً: وكذلك إذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً إن شاء الله فماتت بعد قوله: ثلاثاً قبل قوله: إن شاء الله، لا يقع شيء؛ لأن قوله: إن شاء الله، إذا اتصل بالكلام أبطله، وقد اتصلت بالإيقاع ههنا فأخرجه من أن يكون إيقاعاً وإيجاباً، والموت ينافي إيجاب الطلاق وهو يريد أن يقول: ثلاثاً فأمسك على فيه رجل فلم يقل شيئاً أو مات الزوج قبل أن يقول: ثلاثاً فإنه يقع واحدة؛ لأن الزوج ما وصل العدد بالإيقاع هنا فكان العامل قوله: أنت طالق، ونية الثلاث لا تعمل فيه.
وفي «الأصل» أيضاً: إذا قال لها: أنت طالق وأنت طالق، فماتت المرأة قبل أن يتكلم بالكلام الثاني تقع واحدة بالكلام الأول، ويبطل الكلام الثاني، لأن كل كلام عامل في الوقوع، فإنما يعمل ما صادفها وهي حية، ولو قال لها: أنت طالق وأنت طالق إن دخلت الدار فماتت عند الأولى أو الثانية لا يقع عليها شيء؛ لأن الكلمات المعطوفة بعضها على البعض إذا اتصل الشرط بآخرها يخرج من أن يكون إيقاعاً، وقد وجد اتصال الشرط بعد الموت.
امرأة قالت لزوجها: وهبت لك مهري فعوضني، فقال الزوج: عوضك ثلاث تطليقات طلقت ثلاثاً، لأن العوض هبة، فصار كأنه قال: وهبت لك ثلاث تطليقات.
رجل قال لامرأته: بعت منك أمرك بألف درهم، إن اختارت نفسها في مجلسها وقع الطلاق ولزمها المال؛ لأنه ملكها أمرها في الطلاق بالمال، وجواب التمليك يقتصر على المجلس، وإذا اختارت نفسها في المجلس فقد تملكت.
وفي «مجموع النوازل» : رجل له امرأتان قالت إحداهما له: خويشتن خريده أم أزتوبكايين وهو بين عدة فقال الزوج: أن ديكورا بجوان الأخرى، فقالت مثل ما قالت الأولى فقال الزوج: خدوختم فقيل للزوج: كدام رترافروختي فقال: هردورا تحرم عامة الأخيرة بالخلع والأولى (٢٩٣أ١) بالإقرار هكذا حكي عن نجم الدين النسفي رحمه الله، وإذا اختلف الزوج والمرأة كم كان بينهما من الخلع فقال الزوج: كان الخلع ثلاثاً مرتين، وقالت المرأة: لا بل كان ثلاثاً، والقول قول من؟ حكي فتوى شيخ الإسلام علي بن محمد الاسبيجابي رحمه الله أن القول قول الرجل، وحكي عن نجم الدين النسفي رحمه الله أنه كان يقول: إن كان هذا بعد نكاح جرى بينهما فقالت المرأة: النكاح لم يصح؛ لأن النكاح بعد الخلع الثالث، وقال الزوج: لا بل صح النكاح لأنه بعد خلعتين فالقول قول الزوج؛ لأن سبب الحل قد جرى بينهما وهو النكاح، والمرأة تدعي الحرمة مع قيام سبب الحل، والزوج ينكر، وأما إذا اختلفا بعدما انقضت عدتها عن خلع، والزوج يقول هذا الخلع الثاني، ويريد أن يتزوجها، والمرأة تقول: هذا هو الخلع الثالث، وليس لك أن تتزوجني، فالقول قولها، ولا يجوز النكاح بينهما؛ لأنهما اتفقا على الحرمة، وهو يريد أن يعقد عليها ويزعم أن له ذلك وهي تنكر، والأول أقرب إلى الجواب؛ لأنهما ما اتفقا على حرمة المحل بل اختلفا فيه، المرأة تدعي حرمة المحل بادعائها الخلع ثلاث مرات، والزوج ينكر.