زيفاً فلأن المشار إليه وإن كان من جنس المسمى إلا أن الإشارة إلى الدراهم لغو عندنا في المعاوضات، فصار كأنها سمت الدرهم ولم تشر.
فإن قيل: الإشارة إلى الدراهم لغو في حق الاستحقاق عنها وأما في حق الصفة والمقدار لها غيره، ألا ترى أنه إذا قال لأخر: بعت منك هذا العبد بهذا الدرهم وهو زيف والبائع يعلم به فإنه لا يقع البيع بالجياد وإنما يقع بالزيف، قلنا: إنما تعتبر الإشارة في حقه إذا كان العاقد الآخر يعلم بصفته أما إذا كان لا يعلم فلا.
ألا ترى أن في مسألة البيع لو لم يعلم البائع بكونه زيفاً يقع البيع بالجياد، وتأويل مسألتنا أن الزوج لو لم يعلم بكونه زيفاً حتى لو علم بكونه زيفاً كان له الزيف.
وإذا اختلعت منه على ثوب في يدها أصفر فقالت: هذا هروي، فإذا هو مصبوغ كان له ثوب هروي وسط قالوا: وتأويله أن المصبوغ لم يكن هروياً؛ لأنه حتى لم يكن هروياً فقد أشارت وسمت، والمشار إليه ليس من جنس المسمى فتكون العبرة للتسمية وصار تقدير المسألة كأنها قالت: خالعني على ثوب هروي، وأما إذا كان مصنوعاً هروياً فالمشار إليه من جنس المسمى فتكون العبرة للإشارة فيكون له المشار إليه.
وفي «فتاوى أبي الليث» : رحمه الله: إن قال لامرأته: إن لم يكن فلان أوسع دبراً منك فأنت طالق قال أبو بكر الإسكاف رحمه الله: هذا شيء غير مفهوم ولا مقدور على معرفته فلا يقع الطلاق.
وفي «فتاوى أهل سمرقند» : كان رجلان قال كل واحد منهما لصاحبه: إن لم يكن رأسي أثقل من رأسك فامرأتي طالق، فطريق معرفة ذلك أنهما إذا أقاما وعاق وأيهما كان الأسرع جواباً كان رأس الآخر أثقل منه.
وفي أيمان «العيون» : رجل حلف أن فلاناً ثقيل وهو عنده ثقيل وعند الناس ثقيل، لا يحنث إلا أن ينوي ما عند الناس؛ لأن اليمين يقع على ما عند (الناس) ظاهراً فيحمل عليه ما لم ينو خلافه رجل ... فقدم عليه رجل من قرية أخرى فقال: إن لم أذبح على وجه هذا القادم بقرة من بقري فامرأته طالق ينظر: إن ذبح بقرة قبل أن يرجع هذا القادم وفى بيمينه، وإلا طلقت امرأته، لأن يمينه انعقدت على هذا القدوم عادة، وإن دبح بقرة من بقر امرأته لم يبرأ في يمينه لأن شرط البر ذبح بقرته، فلا يبرأ إلا إذا كان بين هذه المرأة وزوجها من الانبساط ما لا يمنع كل واحد منهما من مال صاحبه، مال ولا يجري بينهما مجادلة فيما بينهما ولكل واحد منهما من مال صاحبه قط فحينئذٍ رجحت أن يبرأ؛ لأن هذا يعد ذبح بقرته عادة، فإن كان هذا الرجل قد ذبح بقرته بنفسه لأجله لكن ما أضافه يلحقها بعد الذبح فإن كانت القرية التي انتقل منها هذا القادم قريبة من هذه القرية بر في يمينه وإن كانت بعيدة مما يعدّ سفراً أخاف (أن) لا يبرأ لأن مثل هذا إذا قدم يتخذون الضيافة لأجله يقع اليمين على الضيافة بعد الذبح.