ورؤية الماء ليست بحدث علم أنه يصير محدثاً بالحدث السابق، إلا أنه جوز أداء الصلاة بها عند انعدام الماء بالنص، إنما هي في نفسها طهارة ناقصة فكان اللبس حاصلاً على طهارة ناقصة فلا يجوز المسح، فأما سؤر الحمار، فإنما يجوز التوضؤ به على تقدير أنه طاهر مطهر، وعلى هذا التقدير هو وسائر المياه سواء كان اللبس حاصلاً على طهارة كاملة والله أعلم.
(نوع آخر) في بيان مدة المسح على الخفين
قال علماؤنا رحمة الله: عليهم: يمسح المقيم يوماً وليلة، والمسافر ثلاثة أيام ولياليها، والأصل فيه ما روي عن علي رضي الله عنه أن رسول الله عليه السلام قال:«يمسح المقيم يوماً وليلة والمسافر ثلاثة أيام» ، وعن صفوان بن عسال المرادي أنه سأل رسول الله عليه السلام عن المسح على الخفين فقال:«المقيم يوم وليلة، والمسافر ثلاثة أيام ولياليها» ، والمعنى المجوز للمسح الضرورة، والضرورة في حق المسافر أكثر من الضرورة في حق المقيم، لأن المسافر لا ينزع الخف في كل مرحلة غالباً أو يلحقه الحرج بالنزع في كل مرحلة، فقدر في حقه بأقل مدة السفر، إذ لا نهاية لما وراءه، فأما المقيم ينزع الخف في كل يوم وليلة عادة، ولا يُحرج في ذلك، فقدر في حقه بيوم وليلة لهذا.
وابتداء المدة يعتبر من وقت الحدث عند علمائنا، حتى إن من توضأ في وقت الفجر وهو مقيم وصلى الفجر ثم طلعت الشمس فلبس الخفين ثم زالت الشمس وصلى الظهر ثم أحدث ثم دخل وقت العصر فتوضأ ومسح على الخفين فقدرنا مدة المسح باقية إلى الغد إلى الساعة التي أحدث فيها اليوم، حتى جاز له أن يصلي الظهر في الغد بالمسح، ولا يجوز له أن يصلي العصر في الغد بالمسح، وإنما اعتبر بابتداء المدة من وقت الحدث لأن وجوب الطهارة باعتبار الحدث.... القدم بالخف مانع سراية الحدث إلى القدم، وإنما يصير مانعاً عند الحدث، وإذا كان علمه يظهر عند الحدث تعتبر المدة من وقت الحدث ضرورة.
قال في «الأصل» : وإذا انقضى وقت المسح ولم يحدث في تلك الساعة فعليه نزع خفيه وغسل رجليه وليس عليه إعادة الوضوء، وأراد بقوله: ولم يحدث في تلك الساعة، أنه لم يحدث بعد الحدث الأول من وقت اللبس لا أنه لم يحدث أصلاً من وقت اللبس، فإن لابس الخفين إذا استكمل يوماً وليلة وهو على وضوء ولم يحدث أصلاً لا يجب عليه غسل القدمين بالإجماع، لأن انقضاء المدة إنما عتبر في حق ماسح الخفين لا في حق لابس الخفين، وهذا الرجل لابس الخفين وليس بماسح الخفين، فلا يعتبر انقضاء المدة