وفي هذا الموضع أيضاً قال محمد رحمه الله: إذا قال: امرأتي طالق إن شربت نبيذاً حتى سكرت، فشهِدَ عليه شاهدان أنه سكر وقالا: لم نجد منه الشرب ولا ندري من أي شيء سكر، فأمضى القاضي الحكم عليه بالطلاق، ثم رُفع إليَّ لم أنقض قضاءَه.
سئل محمد بن سلمة رحمه الله عن رجل حلف بطلاق امرأته إن غسلت ثيابه، فغسلت لُفافته قال لا تطلق إلا أن ينوي ذلك. ولو أوصى لرجل بثيابه دخلت اللفافة في الوصية. وسئل أبو القاسم رحمه الله عمن قال: لامرأته: إن غسلت ثيابي فأنت طالق، فغسلت كُمَّهُ أو ذَيْلَه، قال: إن كانت تغسل ذلك القدر لا تُسمى غاسلة الثياب في إرسال الكلام لا يلزمه الحنث.
قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: وروي عن محمد بن سلمة رحمه الله: لا يقع الطلاق بغسل هذا القدر، ولم يشترط هذا الشرط، وبه نأخذ.
حلف بالطلاق أن لا يأكل من مال (أخيه) شيئاً، فجعل خميرة الخبز في دقيق الحالف وَخَبَزهُ وأكل قال الحسن بن زياد رحمه الله: لا يلزمه الطلاق؛ لأن الخمير قد ذهب.
سئل نصر عمن قال لامرأته: إن فارقتك فكلّ امرأةٍ أضع رأسي مع رأسها فأنت طالق، أو قال: كل جارية أضع رأسي مع رأسها، أو قال: كل جارية أطؤها فهي حرة. ففارقها ثم تزوج امرأةً، ووضع رأسه مع رأسها، أو اشترى جارية ووطئها لا يلزمه الحنث؛ لأنه حَلَفَ في ما لا يملكه وما أضاف الحلف إلى الملك، حتى لو كان في نكاحه امرأة أخرى وقت الحلف، أو كانت في ملكه جارية وقت الحلف ووطىء تلك الجارية، أو وضع رأسه مع رأس تلك الجارية يلزمه الحنث.
وسئل نصر عمن قال لامرأته: إن لم تقومي الساعة وتجيئي إلى دار والديّ فأنت طالق، فلبست الثياب وخرجت من الدار ثم رجعت وجلست، ثم ذهبت إلى دار والديه قال: لا تطلق ما دامت في نهي الذهاب ورجوعها وجلوسها ما دامت في نهي الذهاب لا يكون تركاً للفوت.
وكذلك أَخْذُهَا الثوب، فقالت مثل لبس الثياب، ثم لبست الثياب لا تطلق. قال: ألا ترى أن رجلاً قال لامرأته: إن لم تجيئي هذه الساعة إلى الفراش فأنت طالق، وهما في تشاجر ذلك الأمر حتى طال غيابها أنها لا تطلق، ولا تنقطع الصور قبل الدار أنت إن خافت ذهاب وقت الصلاة فعلت، قال: الصلاة عمل آخر. فهي قطعٌ للصور.
وروى ابن زياد رحمه الله في رجل قال لامرأته: أنت طالق إن أكلت أو شربت، فإن أكلت أو شربت طلقت واحدة، ولو قال: إن أكلتِ أو شربتِ فأنت طالق لا تطلق ما لا تأكل وتشرب. وقد ذكرنا مثل هذا في قوله: إن سببت أو إن بتُّ سكران.
تشاجر مع غيره، فقال له ذلك الغير: تقول هذا من السكر فقال: أنا لست بسكران، ولا أقول هذا من السكر، وحلف على ذلك بطلاق امرأته، قال أبو القاسم رحمه الله: يمينه على ما سمعه الناس سكراناً إذاً بغير كلامه ومقالته، وهذامما سمعه الناس سكراناً، فتطلق امرأته.