قال مرة على نحو ما ذكرنا في كتاب «الحيرة» ، وبعض مشايخنا قالوا لا ينتقض المسح، على كل حال لأن استتار القدم بالخف يمنع سراية الحدث إلى القدم، فلا يقع هذا غسلاً معتبراً فلا يوجب انتقاض المسح.
وإذا نزع خفيه بعد المسح أو أحدهما غسل رجليه، وقد ذكرنا هذه المسألة فيما تقدم، وإذا بدا للماسح أن يخلع خفيه، فنزع القدم من الخف غير أنه في الساق بعد فقد انتقض مسحه، وهذا قول علمائنا الثلاثة رحمهم الله.
وجه ذلك: أن موضع المسح فارق مكانه، فكأنه ظهر رجله، وهذا لأن ساق الخف غير معتبر حتى لو لبس خفاً لا ساق له، جاز له المسح إذا كان الكعب مستوراً، فكون الرجل في الساق وظهوره في الحكم سواء هذا إذا نزع كل القدم إلى الساق.
فأما إذا نزع بعض القدم عن مكانه ذكر الفقيه أبو محمد الجويني عن أبي حنيفة رحمه الله في «الإملاء» : أنه إذا زال عقب الرجل عن عقب الخف أو زال أكثر عقب الرجل عن عقب الخف انتقض المسح ووجب غسل الرجل، وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله؛ لأن اللبس وقع للمشي المعتاد، وقد تعذر المشي إذا خرج أكثر عقب الرجل عن موضعه، فصار وجود هذا اللبس والعدم بمنزله، فيبطل المسح ضرورة.
وعن أبي يوسف رحمه الله في رواية أخرى: إذا نزع من ظهر القدم قدر ثلاثة أصابع انتقض مسحه، وعن محمد رحمه الله: إذا بقي من ظهر القدم في موضع المسح قدر ثلاثة أصابع لا ينتقض مسحه، ذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله هذه الجملة في «شرحه» ، وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله هذه المسألة في «شرحه» ، وقال: ذكر في بعض الروايات أنه إذا كان بحيث يمكنه المشي بعد ما تحرك قدمه عن موضعه لا ينتقض مسحه وإن كان بحيث لا يمكنه المشي ينتقض مسحه، وذكر في بعض الروايات: إذا خرج أكثر ما يفترض غسله ينتقض مسحه، وما لا فلا، وفي بعض الروايات: إن بقي في موضع قرار القدم مقدار ثلاثة أصابع لا ينتقض مسحه، قال: وأكثر المشايخ على هذا، وهو مروي عن محمد رحمه الله على نحو ما ذكره شمس الأئمة السرخسي رحمه الله.
وفي كتاب «الصلاة» لأبي عبد الله الزعفراني رحمه الله: رجل أعرج يمشي على صدور قدميه وقد ارتفع عقبه عن موضع عقب الخف أو كان لا عقب للخف وصدور