وحجتنا في ذلك ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: للمطلقة ثلاثاً النفقة والسكنى وهذا نص في الباب، وما روي من الحديث قد طعن الكبار من الصحابة والتابعين فلا يكون حجة.
والمعنى في ذلك أن المرأة ما دامت في العدة فهي محبوسة بحق الزوج، فإن منفعة الحبس تعود إليه وهو صيانة مائه فكانت محبوسة بحقه فتكون نفقتها عليه، كما في حال قيام النكاح.
ثم فرق بين المطلقة وبين المتوفي عنها زوجها. فإن المتوفى عنها زوجها لا تستحق النفقة في تركة زوجها، والمطلقة تستحق النفقة على الزوج، وموضع الفرق: شرح الطلاق المبسوط.
قال في «الكتاب» : والنفقة واجبة للمعتدة طالت المدة أو قصرت فيكون القول في العدة إنها لم ينقض قولها مع عينها، لأنها اثبتته في الأخبار عما في رحمها، وقول الأمين مقبول وإليه أشار أبي بن كعب رضي الله عنه في قوله: من الأمانة أن تؤمن المرأة على ما في رحمها فإن أقام الزوج بينة على إقرارها بانقضاء العدة بريء من النفقة، لأن ثبوت إقرارها بالبينة كثبوته بالمعاينة، فإن ادعت حملاً أنفق عليها ما بينها وبين سنتين، فعد يوم طلاقها لأن عدة الحامل إنما تنقضي بوضع الحمل والولد يبقى في البطن إلى سنتين.
وإن مضت سنتان ولم تلد انقطعت النفقة لأن الولد لا يبقى في البطن أكثر من سنتين. فإن قالت: كنت أظن أني حامل ولم أحض إلى هذه الغاية، وأظن أن هذا الذي فيَّ ريح، وأنا أريد النفقة حتى تنقضي عدتي.
وقال الزوج: قد ادعت الحمل وأكثر مدة الحمل سنتان فالقاضي لا يلتفت إلى قوله ويلزمه النفقة ما لم تنقض العدة، لأن هذا أمر قد يسببه، لأن معرفة ما في الرحم حقيقة إلى الله تعالى، قال تعالى {ويعلم ما في الأرحام}(لقمان: ٣٤) فتكون معذورة في ذلك فكان لها النفقة حتى تنقضي عدتها، وعدتها تنقضي بثلاث حيض أو بدخولها في حد الإياس ومضي ثلاثة أشهر بعد ذلك، فإن حاضت في هذه الأشهر الثلاثة استقبلت العدة بالحيض، لأنه تبين أنها لم تكن اثبتته والنفقة واجبة لها في جميع ذلك ما لم يحكم بانقضاء العدة، لأنها محتبسة بعدتها منه.
وسئل أبو بكر رحمه الله: عمن طلق امرأته وكتم عن الناس، فلما حاضت حيضتين وطئها فحبلت ثم أقر بطلاقهاوقال: لها النفقة ما لم تضع، لأن انقضاء عدتها بوضع الحمل.
قال: وإن طلق الزوج امرأته وهي صغيرة لم تحض بعد وقد دخل بها ومثلها يجامع فعدتها ثلاثة أشهر على ما عرف في كتاب الطلاق، وينفق عليها ما دامت العدة قائمة لما ذكرنا وهذا إذا لم تكن المرأة مراهقة، وأما إذا كانت مراهقة فعدتها لا تنقضي بثلاثة أشهر بل يتوقف في حالها إلى أن تظهر أنها هل حبلت بذلك الوطء أم لا، فينبغي أن يدر عليها النفقة ما لم يظهر فراغ رحمهما.