أحدهما فأنفق الآخر بغير أمر القاضي وبغير أمر صاحبه فهو متطوع في النفقة، لأنه أنفق على ملكه وملك الغير بغير أمره وبغير أمر من يلي عليه وهو غير مضطر في ذلك. يمكنهُ الإنفاق بأمر القاضي حتى يرجع بما أنفق في حصتهِ، ويحيي ملك نفسهِ. فكان بمزلة المودع إذا أنفق على الوديعة، أو الملتقط على اللقطة بغير أمر القاضي وكان كالأجنبي إذا قضى دين غيره بغير أمر من عليه الدين وهناك كان متبرعاً كذا ههنا،.
وكذلك الدار المشتركة إذا اشتريت فأنفق أحدهما في مؤنتها بغير أمر القاضي وبغير أمر صاحبه فهو متطوع.
وهذا بخلاف ما لو أوصى برقبة نخلة لإنسان وبثمرتهِ لآخر ثم غاب صاحب الثمرة فأنفق صاحب الرقبة على النخيل بغير أمر القاضي لم يكن متبرعاً حتى كان له أن يستوفي مال أنفق من الغلة. وموضع الفرق بان العذر في المزارعة.
في «شرح خواهر زاده» رحمه الله فرع على هذه المسألة فقال: إن لم يخرج النخيل من الغلة فيما يستقبل مثل ما أنفق لا يكون لصاحب النخيل أن يرجع بما بقي من نفقته على صاحب الغلة ولكن يبيع الخارج في السنة الأخرى حتى يستوفي تمام نفقته. فرق بين هذا وبين الزرع المشترك بين رجلين، إذا أنفق أحدهما بأمر القاضي حتى كان للمنفق ولايةُ اتباع الخارج دون المزارع إذا استوفى حصة المزارع من الخارج وبقي من نفقتهِ شيء لا يكون له أن يتبع الخارج في السنة الأخرى بما بقي من النفقة.
وإن كان الإنفاق بأمرِ صاحبه في مسألة الزرع أو بأمر صاحب الغلة في مسألة النخيل كان له أن يرجع على صاحبه وعلى صاحب الغلة بجميع ما أتفق ولا يعتبر الخارج والفرق في هذا الباب أيضاً.
ثم الأصل في النفقة على المشترك، وهو أن كل نفقة يجري الجبَر عليها إذا امتنع أحد الشريكين من الإنفاق وأنفق الآخر بأمر القاضي أو بأمر الآبي، فالمنفق يرجع بنصف النفقة على الآبي بالغاً ما بلغ سواء بقي نصيب الآبي سالماً له أو هلك كالعبد الصغير إذا كان بين شريكين ولم يعد أحدهما على الإنفاق فأنفق الآخر بأمر القاضي أو بأمر صاحبه رجع المنفق على صاحبهِ بحصتهِ من النفقة بالغاً ما بلغ سواء بقي الصبي أو هلك وكل نفقة لا يجري الجبر عليها كما في نفقة الدابة المشتركة إذا أنفق أحدهما بأمر القاضي لم يكن للمنفق أن يرجع على شريكه فيما زاد على قيمة نصيبهِ، ولا بعد هلاك الدابة، وكل نفقة لا يجري الجبر عليها إذا أنفق أحدهما بأمر صاحبه يرجع على صاحبه بجميع حصتهِ بالغاً ما بلغ في ذلك الشيء (٣٢٠أ١) أو هلك فعلى هذا الأصل يخرج جنس هذه المسائل من الزرع المشترك وغير ذلك.
وذكر في «كتاب المزارعة» : إذا مات ربُّ الأرض في وسط المدة وقال المزارع: أنا أقلع الزرع، وأنفق ورثة رب الأرض بأمر القاضي رجع على المزارع بجميع النفقة. قدراً بحصته ولو انقضت مدة المزارعة وأنفق ربّ الأرض بأمر القاضي فإنه يرجع بنصف القيمة مقدراً بحصته.