للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيل لي عليك لأني بعتك ويحتمل لأني أعتقتك.

وكذلك إذا قال: لا ملك لي عليك لا يعتق ما لم ينو، لأنه يحتمل وجهاً آخر سوى العتق، يحتمل لا ملك لي عليك لأني بعتك؛ لأني وهبتك.

وكذلك إذا قال: خرجت عن ملكي، خليت سبيلك لا يعتق ما لم ينوِ؛ لأنه يحتمل وجهاً آخر سوى (هذا) وهذه المسائل تؤكد القول الثاني في المسألة الثانية التي تقدم ذكرها. وروي عن محمد رحمه الله أنه إذا قال له: لا سبيل لي عليك إلا سبيل الولاء فهو حر في القضاء ولا يصدق أنه لم يرده لأنه لما استثنى سبيل الولاء فقد عين في نفي السبيل جهة الحرية، ولا ولاء إلا بعد الحرية (٣٢١ب١) .

ولو قال إلا سبيل الموالاة دين في القضاء لأن الطلاق الموالاة ينصرف إلى الموالاة في الدين، وإن جاز أن يعبر بها عن ولاء العتق، ولو قال له اذهب حيث شئت توجه أينما شئت في بلاد الله لا يعتق وإن نوى؛ لأن هذا يستدعي زوال يد المولى عنه وزوال يد المولى عن العبد لا يوجب العتق.

ولو قال له لا سلطان لي عليك فنوى به العتق لا يعتق، بخلاف ما إذا قال لا سبيل لي عليك ونوى به العتق، والفرق: أن السبيل في اللغة عبارة عن الطريق المسلوك؛ لأن العمل بحقيقته غير ممكن إذا أضيف إلى العبد؛ لأن العبد ليس بطريق المسلوك، فيجعل كناية عن الملك؛ لأن الملك في العبد لمعنى الطريق، لأن الطريق ما يتوصل به إلى غيره والملك في العبد مما يتوصل به في التصرفات شرعاً، فكأنه قال لا ملك لي عليك. ولو قال لا ملك لي عليك ونوى به بالعتق يعتق، كذا ههنا، فأما السلطان في اللغة: يذكر ويراد به الحجة، ويذكر ويراد به الاستيلاء واليد، فكأنه قال لا حجة لي عليك لا يد لي عليك، ولو نص على هذا لا يعتق وإن نوى، كذا ههنا.

فرق بين قول لا ملك لي عليك من كنايات العتق، ولم يجعل قوله لا يد لي لا حجة لي عليك من كنايات العتق، والفرق أن قوله لا يد لي عليك يتعرض لنفي اليد، لا لنفي الملك واليد تنتفي من غير انتفاء الملك كما في الإجارة والكناية، ولو جعل كناية عن العتق وفيه إزالة اليد والملك يؤدي إلى أن يثبت باللفظ أكثر مما وضع له اللفظ وإنه يجوز، وكذا قوله: لا حجة لي، يتعرض لنفي الحجة لا لنفي الملك، والتقريب ما مر.

قوله لا ملك لي عليك يتعرض لنفي الملك مطلقاً الرقبة واليد فيه سواء، ولو جعل كناية عن العتق، وفيه إزالة ملك الرقبة واليد، لا يؤدي إلى أن يثبت باللفظ أكثر مما وضع له اللفظة، فلهذا افترقا.

وإذا قال لأمته أنتِ طالق، أو ذكر شيئاً من كنايات الطلاق، نحو قوله: بنت مني أو حرمتك أو أنت خلية، أو ما أشبه ذلك وهو ينوي العتق لا يعتق في جميع ذلك عندنا، وعند أبي يوسف إذا قال لأمته اللفظ ونوى العتق عتقت؛ لأن الإطلاق يقتضي زوال اليد فهو بمنزلة قوله خليت سبيلك، ولو قال فرجك علي حرام يريد به العتق، لا يعتق لأنه جزء من المنفعة على نفسه، وتحريم المنفعة بجامع الرق، ألا ترى لو اشترى أخته من

<<  <  ج: ص:  >  >>