للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل وجه، فيتناوله مطلق اسم الولد فلا ضرورة إلى صرفه إلى الولد الحي، أما ههنا بخلافه.

ولأبي حنيفة رحمه الله أن قوله أملك للحال على ما مر، وقوله فيما استقبل يجوز أن يكون يعتق بقوله أملك فيصرف للاستقبال، ويجوز أن يكون ولد ملك للحال فيصير كأنه شرط عتق هذا الملك الموجود للحال فيما يستقبل، فلما احتمل هذا، واحتمل ذاك، وليس على أحد الاحتمالين دليل لم يصلح قوله فيما استقبل صارفاً قوله أملك إلى الاستقبال فبقي للحال، فكان موجباً للعتق كما هو مملوك للحال كان نص على الحال ولو نص على الحال لا يعتق ما يملكه بعد العتق فههنا كذلك.

وقوله ذلك للملك مطلقاً، فنصرف إلى الثابت من كل وجه وهو الملك بعد العتق، قلنا ما ذكر الملك مطلقاً بل يكون ذكره مقيداً بالحال عرف ذلك بقوله أملك، فلا يمكن صرفه إلى ما بعد العتق كما لو ذكره مقيداً بالحال صريحاً.

وفي «المنتقى» رواية عمرو بن أبي عمرو عن محمّد رحمه الله في «الإملاء» أنه جعل قوله: كل مملوك أملكه هذا الشهر وهذه السنة فهو حر، بمنزلة قوله كل مملوك أملكه هذا اليوم من حيث إنه عتق ما كان في ملكه وما يستفيده في الوقت الذي سماه، إن قيل في هذا جمع بين الحال والاستقبال وهما لا يرادان بلفظ واحد، قلنا ليس كذلك، إن قوله أملكه اليوم يتناول القائم في ملكه للحال؛ لأن اليوم اسم للوقت من حين طلوع الشمس إلى وقت غروب الشمس، والبعض منه قد مضى والبعض منه قائم، واسم اليوم يتناول القائم، فيتناول القائم في ملكه بحكم الحال ثم الحال المسند إلى غروب الشمس، فيتناول الكل باعتبار امتداد الحال؛ لأنه جمع بين الحال والاستقبال.

وإن قال كل مملوك أملكه الساعة فهو حر فهو على ما في ملكه دون ما يستفيده.

وإن قال كل مملوك أملكه رأس الشهر فهو حر، فكل مملوك جاء رأس الشهر وهو يملكه، أو يملكه في ليلة رأس الشهر ويومها، فهو حر في قول محمّد، وقال أبو يوسف هو على ما يستفيده في تلك الليلة ويومها.

وعلى هذا الاختلاف إذا قال كل مملوك أملكه غداً فهو حر ولا نية له عتق ما اجتمع في ملكه في الغد، ومن هو في ملكه للحال ومن يملكه غداً في قول محمّد، وعلى قول أبي يوسف يعتق ما يستفيده في الغد لا غير.

فوجه قول (٣٢٤أ١) محمّد أن قوله: أملكه يتناول الحال حقيقة، فلا يترك حقيقة ما أمكن اعتبار حقيقة الحال وإن امتد إلى الغد؛ لأن المرء قد يستقبل بأمر ويمتد ذلك إلى الغد، فصار الغد في امتداد الحال بمنزلة اليوم، فصار هذا وما لو قال كل مملوك أملكه اليوم سواء.

ولأبي يوسف أن الغد من الأوقات المقابلة بلا شك، ألا ترى أنك تقول سأفعل ذلك غداً وحرف السين لا يدخل إلا على المستقبل، فصار الاستقبال مراداً بهذا اللفظ، فخرج الحال من أن يكون مراداً بخلاف قوله كل جارية أملكها اليوم؛ لأن اسم اليوم

<<  <  ج: ص:  >  >>