للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعتق؛ لأنه تعذر معرفة ما وقع فيه الدعوى بالمعاينة فيعتبر الدعوة والإنكار، فالساكت يدعي زيادة على المعتق، والمعتق ينكر.

والوجه الثاني: إذا اتفقا على أن الإعتاق كان قبل هذا الوقت بأيام، واختلفا في مقدار قيمته يوم الإعتاق ذكر شيخ الإسلام في «شرحه» : أن القول قول المعتق، سواء كان العبد قائماً أو هالكاً. فإن كان هالكاً فلا إشكال، وإن كان قائماً؛ لأن قيمة الشيء فيما يزداد، وينتقص بمضي الوقت فلا يمكن بحكم الحال فتعتبر الدعوى والإنكار.

قال محمّد رحمه الله: وكتبت في «شرح السير» : إذا كانت المدة من وقت الإعتاق قريبة ننظر إلى حال العبد، فنعرف قيمته من حاله، وإن كانت المدة بعيدة فالقول قول المعتق ولا نحكم الحال؛ لأن المعتبر في المدة القريبة ليس بظاهر، فيمكن بحكم الحال، والمعتبر في المدة البعيدة ظاهر فلا يمكن بحكم الحال، فنجعل القول قول المعتق لإنكاره الزيادة.

الوجه الثالث: إذا اختلفا في وقت الإعتاق وفي قيمته فقال المعتق: أعتقته قبل هذا بسنة، وكان قيمته يوم أعتقته مائة، وقال الساكت: لا بل أعتقته في الحال وقيمته في الحال ألف درهم، فهذا وما لو تصادقا أن العتق حصل في الحال سواء؛ لأن العتق حادث فيحل حدوثه على أقرب ما ظهر، فالذي بدأ الحدوث في الحال فيمسك بالأصل، فيجعل القول قوله، فصار كأن العتق ثبت بتصادقهما في الحال. والجواب فيما إذا وقع الاختلاف في حال المعتق يوم الإعتاق في اليسار والعسار بظهور الجواب فيما إذا وقع الاختلاف في قيمة العبد، هكذا ذكر شيخ الإسلام في «شرحه» في «المنتقى» أنه ينظر إلى حالة المعتق يوم الخصومة، فإن كان موسراً ضمن وإن كان معسراً سعى العبد. وكتبت في «السير» : إذا كانت المدة قريبة بحكم الحال، وإن كانت بعيدة يجعل القول قول المعتق؛ لأنه ينكر حق الرجوع عليه بالتضمين، والجواب فيما إذا وقع الاختلاف بين الساكت والعبد في قيمة العبد أيضاً يظهر الجواب فيما إذا وقع الاختلاف بين الساكت والمعتق في قيمة العبد. هكذا ذكر شيخ الإسلام أيضاً.

ومن جملة ذلك: إذا صالح الساكت مع المعتق، وإنه على وجهين: أما إن صالح على أقل من نصف قيمة العبد ودراهم أو دنانير فإنه جائز.

فرق بين التصالح وبين البيع فإن الساكت لو قال للعبد: بعت مالي عليك من نصف القيمة بأقل من نصف القيمة، فإن ذلك لا يجوز. والفرق: وهو أن الصلح في موضوعه لاستيفاء بعض الحق وإسقاط البعض، فإذا كان بلفظة الصلح أمكن تجويزه بطريق استيفاء بعض الحق وإسقاط البعض إن تعذر تجويزه بطريق المعاوضة، فأما البيع معاوضة من كل وجه وليس فيه معنى الإسقاط بعض الحق واستيفاء البعض، فإذا كان بلفظة البيع لا يمكن تجويزه إسقاطاً واستيفاءً تعذر تجويزه معاوضة لمكان.....، فبطل ضرورة.

الوجه الثاني: إذا صالح على أكثر من نصف قيمة العبد دراهم أو دنانير وإنه على وجهين: إن كانت الزيادة بحيث يتغابن الناس في مثلها يجوز، وإن كانت الزيادة بحيث لا يتغابن الناس في مثلها فالزيادة على نصف القيمة باطلة، فقد أبطل الفضل وما صالح الصلح على قدر نصف قيمة العبدين.

فرق بين هذا وبينما إذا حصل هذا بلفظ البيع، فكان البيع يبطل في الأصل والزيادة جميعاً. والفرق: أن البيع لغة ينبىء عن المعاوضة، والمعاوضة إذا تمكَّن فيها الربا أبطل كلها بخلاف الصلح؛ لأن في الصلح معنى استيفاء بعض الحق ومعنى المعاوضة، ففي

<<  <  ج: ص:  >  >>