للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأحدهما بعد الموت إيجاب فيهما معنى؛ لأنه أوجب الحق لأحدهما في حال لا يتصور ثبوته لأحدهما؛ لأنه إنما يثبت لأحدهما إذا حصل في وقت كان للمولى حق البيان، ولا يتصور للمولى حق البيان بعد الموت؛ فكان إيجاب الحق لأحدهما إيجاباً لهما، ولو أوجب لهما صحت دعواهما كذا ها هنا.

وهذا الخلاف ما لو شهدا على إعتاق أحد العبدين في حالة الصحة، فإن هناك لم توجد الدعوى؛ لأن دعوى العبدين في تلك الصورة غير صحيحة، وإن كان العتق الواقع في حالة الصحة يشيع فيهما بعد موت المولى فيثبت الحق لهما، إنما كان كذلك؛ لأن الحق لم يثبت للعبدين في هذه الصورة من المولى، لا نصاً ولا من حيث المعنى؛ لأنه أوجب الحق في وقت يتصور موته لأحدهما فلا يكون إيجاباً لهما، وإنما يشيع فيهما بعد الموت ضرورة تنفيذ العتق، فيظهر ثبوت الحق لهما في حق تنفيذ العتق لا في حق صحة الدعوى؛ لأن تنفيذ الواقع لا يخلو عن الدعوى في الجملة بأن لم يقع ثمة لحاجة، وإذا لم يظهر ثبوت الحق لهما في حق صحة الدعوى كان الحق في حق الدعوى ثابتاً لأحدهما والدعوى من أحدهما لا تتصور.

وإذا شهدا على رجل أنه أعتق عبده هذا واختلفا في الزمان بأن شهد أحدهما أنه أعتقه في يوم الخميس، وشهد الآخر أنه أعتقه يوم الجمعة واختلفا في المكان، قبل القاضي شهادتهما؛ لأن العتق تصرف قولي، والقول مما يعاد ويكرر فيكون الثاني غير الأول فقد اتفقا على عتق واحد.

وكذلك إذا شهد أحدهما..... العتق والآخر على إقرار المولى بالإعتاق بأن شهد أحدهما أن المولى (قال له:) له أعتقتك، وشهد الآخر أن المولى قال: قد كنت أعتقته لأنهما اتفقا على قوله: أعتقت إلا أن أحدهما تفرد بالزيادة، غير أن التفرد بالزيادة إذا كان لا يغير الحكم لا يمنع القبول.

وكذلك إذا شهد أحدهما أنه أعتقه وشهد الآخر أنه حرره أو شهد أحدهما أنه قال له: أنت حر وشهد الآخر أنه قال له: أعتقتك؛ لأنهما اتفقا معنى؛ لأن معنى العتق والحرية واحد، إلا أنهما اختلفا لفظاً والاختلاف لفظاً مع الاتفاق معنى لا يمنع قبول الشهادة فيما يثبت مع الشبهات، كما لو شهد أحدهما بالنكاح وشهد الآخر بالتزويج، وكذلك إذا شهد أحدهما أنه أعتقه بالفارسية وشهد الآخر أنه أعتقه (بالفارسية) تقبل شهادتهم؛ لأنهما اتفقا معنى، هكذا ذكر شيخ الإسلام في «شرحه» .

وذكر في «المنتقى» عن أبي يوسف إذا شهد شاهد أنه قال لعبده: أنت حر وشهد آخر أنه قال له: توزاداي تقبل قال: لأنه ليس وجه عتق وذكر فصل الطلاق ثمة للقضاء، وقال: إذا اختلف شاهدا الطلاق وشهد أحدهما بالنبطية أو بالفارسية أو بلسان آخر، وشهد الآخر أنه طلقها بالعربية لم تجز شهادتها، ولو كان هذا في الإحراز بمال آخر به

<<  <  ج: ص:  >  >>