للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينة أنه هو الذي أكل الرغيف وحده فالقاضي لا يقضي بعتقه ولا ينقض قضاءه الأول. فرق بين هذا وبينما إذا جاء الغلامان معاً، وأقام كل واحد منهما البينة أنه أكل الرغيف كله فالقاضي لا يقضي لكل واحد منهما.

والفرق: أن إحدى البينتين كاذبة بيقين وكل واحدة يجوز أن تكون هي الكاذبة، وعلى هذا التقدير لا يجوز القضاء بها، فإذا جاءا معاً وكل واحدة يجوز أن تكون هي الكاذبة فقد وقع الشك في جواب القضاء بكل واحدة منهما ولا يجوز القضاء بالشك، فأما إذا أقام أحدهما بينة أولاً نفذ بعد القضاء ظاهراً وليس هناك ظاهر يمنع نفاذ القضاء وهو قيام دليل الكذب في البينة الأولى، فإذا أقام الآخر بعد ذلك البينة فقد وقع الشك في نقض القضاء، إن كانت الكاذبة هي الأولى ينقض القضاء للأول، وإن كانت الكاذبة هي الثانية لا ينقض القضاء للأول، والقضاء لا ينقض بالشك كما لا ينقض بالشك.

فرع على ما إذا جاء الغلامان معاً وأقام كل واحد منهما بينة أنه هو الذي أكل الرغيف فقال: إذا لم يقبل القاضي بينة الغلامين وردهما فأتت بينة أحدهما، ثم أعاد الغلام الآخر بينة على القاضي على ما شهدت له به أولاً فإن القاضي لا يقبل شهادتهم؛ لأنه رد شهادتهم مرة لتهمة الكذب، ولو لم تمت واحدة من البنتين حتى مات أحد الغلامين..... بشهادين آخرين يشهدان له بما شهدت به الشهود الأول، وجاء الغلام بالشهود الذين شهدوا أول مرة حتى يشهدوا له بمثل ما شهدوا له به أول مرة فإن القاضي يقضي للغلام الذي جاء بشاهدين آخرين. بخلاف ما إذا جاء الغلام الآخر بشاهدين آخرين فإن القاضي لا يقضي لواحد منها والفرق: أنه إذا أقام كل واحد منهما بينة أخرى فليست إحدهما أن تجعل كاذبة بأولى من الأخرى فيتهاتران جميعاً لمكان التعارض، أما ها هنا البينة ردها القاضي لتهمة الكذب بقيت كاذبة بقضاء القاضي، ولم تبق معارضة للأخرى فيمت القضاء بالأخرى.

وإذا كان العبد مشتركاً بين رجلين، فشهد أحدهما على صاحبه أنه أعتق نصيبه لا تقبل شهادته موسراً كان المشهود عليه أو معسراً، إن كان موسراً فلأنه يثبت لنفسه بهذه الشهادة حق تضمين صاحبه، ولأنه شهد بعبده فإنه يملك بعضه، وإن كان معسراً فللمعتق الثاني، وإذا لم يقبل شهادته بقي معسراً أن صاحبه أعتق نصيبه. وأحد الشريكين إذا أقر على صاحبه أنه أعتق نصيبه وصاحبه يجحد فالعبد لا يترك رقيقاً بل يعتق ويسعى في جميع قيمته بينهما نصفان عند أبي حنيفة رحمه الله سواء كانا موسرين أو كانا معسرين أو كان أحدهما موسراً والآخر معسراً، وعندهما يسعى للمشهود عليه في نصف قيمته إن كان المشهود عليه معسراً، ولا يسعى له في شيء إن كان المشهود عليه موسراً.

فرع على قول أبي حنيفة رحمه الله، فقال: إذا وجبت السعاية لهما لو شهد أحدهما على صاحبه أنه استوفى السعاية من العبد لا تقبل شهادته؛ لأنه يشهد لنفسه لأنه يثبت

<<  <  ج: ص:  >  >>