دخل تحت الأمر، والواحد متيقن، وما زاد عليه مشكوك، فلا يخرج بالشك والاحتمال، وفي قوله: من شاء عتقه من عبيدي فأعتقه بما يوجب الخصوص غير ممكن؛ لأنا لو عملنا بما يوجب الخصوص ابتداء وجعلنا الداخل تحت الأمر بعض العبيد يلزمنا العمل بما يوجب العموم انتهاء؛ لأن البعض الداخل تحت الأمر يصير عاماً لأنه موصوف بصفة عامة، وهي المشيئة فتعم فقلنا بالعموم ابتداء قصراً للمسافة.
أما في مسألتنا: العمل بما يوجب الخصوص في الابتداء لا يوجب العمل في الانتهاء؛ لأن الداخل تحت الأمر مطلق عن الصفة، والخارج كذلك، فلا يعم في الانتهاء فعملنا بها لهذا.
ولو قال لأمتين له: أنتما حران إن شئتما، فشاءت إحداهما فهو باطل؛ لأن معنى كلامه: إن شئتما حريتكما، فلا يتم الشرط بمشيئة إحديهما. ولو قال لهما: أيتكما شاءت العتق فهي حرة، فشاءتا جميعاً عتقا؛ لأن كلمة أي تتناول كل واحدة على الانفراد، ولو شاءت إحداهما عتقت التي شاءت، ولو شاءتا فقال المولى: أردت أحديهما صدق ديانة لا قضاء والجواب في العتق نظير الجواب في الطلاق.
وفي «المنتقى» : بشرعن أبي يوسف: إذا قال لأحد: أعتق أي عبيدي شئت، فأعتق المامور كلهم جاز.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن أبي يوسف رحمه الله: إذا قال لغيره: أعتق أي عبيدي شئت، فليس له أن يعتق أكثر من واحد، ولو أعتق أكثر من واحد منهم لم يقع إلا على واحد منهم.
ولو قال: كل أي هذا الطعام شئت، فله أن يأكل كله. وفرق بين العبيد والطعام على رواية ابن سماعة. وفي «نوادر بشر» عن أبي يوسف رحمه الله: الذين يشاؤون العتق منهم فهم أحرار فشاء واحد لا يعتق، وإن شاء اثنان فصاعداً عتقوا، كأنه قال: إن شاء عبدان من عبيدي العتق فهم أحرار، وكذلك لو قال: إن دخل عبيد من عبيدي الدار فهم أحرار فدخل واحد لا يعتق، وإن دخل اثنان فصاعداً عتقوا ...
وفي «الأصل» عن محمّد: رجل قال لغيره: جعلت عتق عبدي إليك فليس له أن ينهاه، وهو إليه في المجلس كذلك لو قال: أعتق أي عبدي هذين شئت، وكذلك العتاق مما يجعل.
ابن سماعة عن محمّد رحمه الله في رجل قال لعبده: افعل في نفسك ما شئت، قال: إن أعتق نفسه قبل أن يقوم من مجلسه عتق وإن قام قبل أن يعتق نفسه لم يكن له أن يعتق نفسه بعد ذلك، وله أن يبيع نفسه وأن يهب نفسه، وأن يتصدق بنفسه على ما شاء.
هشام قال: سمعت محمّداً يقول في رجل عاينته امرأته في جاريته، فقال لها: هو بيدك فأعتقتها المرأة، قال: إن نوى المولى العتق عتقت وإلا فلا فإن هذا على البيع، فإن