أو تقول بالاستيلاد ثبت لها حق العتق في الحال، قال عليه السلام لمارية القبطية حين ولدت: إبراهيم «أعتقها» ولدها، وهذا يوجب حقيقة العتق للحال، فإن لم يثبت حقيقة العتق في المال، لا أقل من أن يثبت حق العتق، وفي البيع إبطال هذا الحق عليها، ولو قضى قاضى بجواز بيعها لا ينفذ قضاؤه بل يتوقف على قضاء قاضى آخر إمضاءً وإبطالاً، وهذا لأن العلماء اختلفوا في جواز بيع أمهات الأولاد هل هو على الخلاف، بعضهم قالوا: ليس مختلفاً فيه، وهذا لأن الصحابة وإن اختلفوا فيه ولكن أجمع من بعدهم على أنه لا يجوز بيعهن، والإجماع المستأخر يرفع الخلاف المتقدم، فلم تبق المسألة مختلفاً فيها.d
وبعضهم قالوا: بل هو مختلف فيه، وهذا القائل يقول: الإجماع المستأخر لا يرفع الخلاف المتقدم، فبقيت المسألة مختلفاً فيها، والعلماء إذا اختلفوا في جارية أنها على الخلاف أو على الوفاق يتوقف فيها القضاء على قضاء قاضى آخر إمضاءً وإبطالاً.
ثم اختلف مشايخنا بعد هذا الخلاف أن الإجماع المستأخر هل يرفع الخلاف المتقدم بزمن، قال بعضهم: بين علمائنا رحمهم الله (خلاف) على قول محمد رحمه الله يرفع الخلاف المتقدم، وعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لا يرفع، وإلى هذا مال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله، وبعضهم قالوا: لا خلاف بين أصحابنا رحمهم الله بأن الإجماع المستأخر يرفع الخلاف المتقدم، وإلى هذا مال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله، وإنما ينفذ قضاء القاضي ببيع أمهات الأولاد بإمضاء قضاء قاضى آخر على قول هذا القائل على قول علماءنا رحمهم الله، لا لأن المسألة مختلفة بين علماءنا رحمهم الله، بل لأن بعض العلماء مخالف علمائنا رحمهم الله في انعقاد الإجماع من المتأخرين مع الاختلاف في الصدر الأول، فبعد الإمضاء لشبهة اختلاف غيرهم إياهم في انعقاد هذا الإجماع لا بمكان الاختلاف بين علمائنا رحمهم الله. وأم الولد لا يجوز بيعها (وكذلك) الجارية التي استولدها الرجل بملك اليمين، أو بملك النكاح أو بشبهة ثم يشتريها بعد ذلك أو يملكها بسبب آخر، وهذا مذهبنا، وقال الشافعي رحمه الله: إذا استولدها بحكم النكاح، ثم اشتراها لا تصير أم ولد.
وإذا استولدها بالزنا ثم تملكها فالقياس أن تصير أم ولد وهو قول زفر، وفي الاستحسان لا تصير أم ولد له، وهو قول علمائنا الثلاثة رحمهم الله.
كذلك لو قال: تزوجت بهذه الجارية وولدت مني ولا يعلم ذلك إلا بقوله، وأنكر ذلك المولى الذي هي له، فإذا ملكها الذي أقر بهذا فإنها تصير أم ولد عند علمائنا رحمهم الله.
وإذا أسقطت أمة الرجل سقطاً استبان خلقه أو بعض خلقه صارت أم ولد له، وإن